المتحرشون في الأرض

[مروج البحر]

المتحرشون.. في الأرض!





منزل أسرة مصرية- الرابعة عصرا

تدخل "فاتن" إلى المنزل في عصبية شديدة. تغلق الباب وراءها في عنف تجعل أخاها "أحمد" الذي يقرأ الجريدة ينتفض من مقعده قبل أن يقول لها في انفعال:إيه ياست.. خضتيني.. أنا تخيلت إن العمارة بتقع؟!

فاتن في انفعال أشد:
ماتقع ولا ييجي لها زلزال ينسفها.. على الأقل هارتاح من اللي بأشوفه كل يوم.. حرام يا ناس والله حرام.. طب أعمل إيه بس؟

تظهر الأم قادمة من المطبخ وهي تحمل في يدها "المغرفة" الشهيرة لتقول:
هدي نفسك بس يابنتي.. معاكسات تاني؟

فاتن: مش ممكن يا ماما.. دي بقت في كل حتة.. في الشارع والمواصلات وحتى الشغل.. تصوري.. طول ما أنا ماشية اللي يرمي كلمة واللي يبص بصة كده ولا كده واللي يحاول يخبط في الواحدة وفي الآخر "آه سوري ماخدتش بالي".. طب اشمعنى عدم أخدان البال ده ما بيحصلش إلا مع البنات بس.. عمركم شوفتوا راجل بيخبط في راجل؟


يضحك الاخ بصوت مكتوم قبل ان يجيب

ماهو يبقاش عنده نظر لو خبط في راجل
]ترمقه "فاتن" بنظرة نارية وقبل أن تهم بالانطلاق كالمدفع الرشاش يبادر هو بالقول:
بس شوفي مكتوب إيه في الجورنال عشان تعرفي إنك مش لوحدك أهو

تسأل في اهتمام: مكتوب إيه؟

"أحمد": شوفي ياستي العنوان مثير جدا :"المحجبات الأكثر تعرضا للتحرش في الشارع المصري.. ندخل بقى في التفاصيل.. همممممم.. آه .. وأوضحت الدراسة التي أجراها "المركز المصري لحقوق المرأة" أن 83% من النساء المصريات الذين تم تطبيق الدراسة عليهن تعرضن للتحرش فيما ارتفعت النسبة للأجانب إلى 98%! وأن أعلى نسبة تحرش تكون من نصيب السيدات المحجبات ثم المنتقبات وأخيرا غير المحجبات! وهو ما يعني أن الربط بين التحرش الجنسي وما ترتديه النساء من ملابس غير محتمشة- على حد قول البعض- هو أمر خاطئ".

تعود الأم إلى المطبخ وهي تهتف: لا حول ولا قوة إلا بالله.. طب نعمل إيه يعني أكتر من الحجاب واللبس المحترم؟!


تتجه إلى غرفتها تقول "فاتن":

عن نفسي بأفكر أحلق شعري "زلبطة" وأركب دقن مستعارة زي بتاعة محمد نجم في "عش المجانين".. وأمشي في الشارع وعاوزة راجل يطلع لي بقى!

أحمد وهو يلتقط سماعة التليفون ليتصل برقم ما:
غريبة قوي أختي دي.. نستني إن أنا والواد زيزو متفقين إننا النهارده نقعد مع بعض عشان نظبط طرق جديدة لمعاكسة البنات في المولات.. أيوه يا مان قولي بقى هنظبط إزاي!

الإحصاءات اللي فوق دي صحيحة مائة بالمائة خد بالك

والعهدة فيها على المركز المصري لحقوق المرأة وهو مركز محترم جدا ودقيق لدرجة كبيرة جدا في إحصاءاته وتترأسه سيدة مجتهدة ومجدة جدا في عملها هي السيدة "نهاد أبو القمصان" والمركز ده تم اختياره كواحد من أفضل عشر برامج تنموية على مستوى العالم عام 2002..

لكن دراسة التحرش دي جديدة طازة
ونتائجها زي ما أنت شايف صادمة جدا

أولا لأنها بتهدم أسطورة إن الملابس هي السبب الرئيسي اللي بيخلي الشباب يعاكسوا أو يتحرشوا بالبنات..

والدليل أهو أكثر فئات البنات تعرضا للتحرش هن.. المحجبات!

وثانيا لأنها تكشف أرقاما مفزعة جدا..

صحيح العينة التي تم الاستعانة بها في الدراسة هم أكثر من ألف سيدة بقليل لكن النتائج التي تم استخلاصها من إجاباتهم يمكن أن تعمم بنسبة ضئيلة من الخطأ..

وهذا يعني أن 82% من بنات وسيدات مصر تعرضن للتحرش من أول النظرة والكلمة الـ"عيب" لغاية التحرش بملامسة الجسد..



عندك برضه إن أكتر مكان بيحصل فيه تحرش هو..
الشارع!
أيوه والناس رايحة جاية فيه

بعدين تيجي المواصلات العامة
وأخيرا في المولات والأسواق "ده فريق أخو فاتن"!

طبعا الدراسة كتبت عن الآثار السلبية لظاهرة التحرش المفزعة دي..

سواء على المصريات اللي كتير منهم بتيجي لهم تداعيات نفسية خطيرة تبدأ من الشعور بالغضب وتنتهي بالصداع وقلق النوم والكوابيس وأحيانا الاكتئاب..

وكمان فإن التحرش له آثار اقتصادية سلبية..
لأنه على سبيل المثال 66% من السائحات اللائي تعرضن للتحرش كونوا انطباعا سيئا عن مصر، وقال 7.4% منهم إنهم لن يعودوا إلى مصر نهائيا..

عشان إيه؟
التحرش اللي شافوه حضرتك!

وده اللي أكده تقرير دولي صدر مؤخرا ووضع مصر في المركز الثاني عالميا بعد أفغانستان في التحرش بالسيدات!

حاجة تفرح طبعا!


عموما مش هندخل في حوارات وأسئلة من نوعية
"بتستفيد إيه يا حضرة المتحرش لما تتحرش"
لكن خلينا نركز في نتائج الدراسة دي ونسأل..

إذا كانت الملابس –بحسب الدراسة-

غير مسئولة عن التحرش بالبنات والسيدات..

فما الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع نسبة التحرش
في مصر لهذه الدرجة المفزعة؟