|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
بالفساد وحده
عبر صفحات التاريخ ، تطالعنا قصص لعشرات الحضارات ، التى سادت العالم يوماً ، وسيطرت على مقاليده ،وتربّعت على عروشه ، وهيمنت على ثرواته .. وقصص عشرات الدول ، التى نجحت فى الخروج من أزماتها ، وكبرت وتعملقت ، وأصبحت لها جيوش جرّارة ، وقدرات جبّارة ، كادت تحتل بها مكانة عظيمة ، بين شعوب الأرض جميعها .. لولا آفة واحدة .. آفة رهيبة ، نمت داخلها ، وكبرت رويداً رويداً ، حتى تحوّلت من دودة صغيرة إلى ثعبان سام .. ثم إلى تنين هائل ، ابتلع تلك الدول والحضارات ، ولاكها بين أنيابه القوية ، حتى سحقها سحقاً ، دون أن تشفع لها منجزاتها العملاقة ، أو إنجازاتها ، التى ملأت الدنيا صخباً وضجيجاً وإسرافاً فى وصف عظمتها ، والفوائد المنتظرة منها ، ولا حتى جيوشها الجرّارة الجبارة … الامبراطورية الرومانية مثلاً ، كانت أعظم وأقوى الإمبراطوريات فى عصرها ، ونجحت بتنظيمها وتنسيقها والنظام الديموقراطى داخلها ، فى بناء جيش هائل قوى ، هزم كل الحضارات التى أحاطت بها ، ودحرها وسيطر على العالم كله تقريبا ، وحتى على مصر نفسها ، مع قوتها وعظمتها ، فى ذلك الحين ... وأنجزت الإمبراطورية الرومانية فى زمانها الكبارى والجسور ، والمشروعات القوية العملاقة ، ووضعت القوانين والقواعد ، وكان لها مجلس شيوخ ، ومجلس نوّاب ، ونظم إقتراع مأمونة ومحمية ، إلى الحد الذى بهر العالم ، حتى صار أكثر مايمكن أن يحظى به الشخص ، أى شخص ، هو أن يصبح مواطناً رومانيأ ، يتمتّع بكل مميزات الانتماء إلى امبراطورية هائلة كهذه .. ثم تسلل الفساد إلى الإمبراطورية العظيمة …. بدأ فى أوّله بين الطبقات القوية ، الحاكمة والمسيطرة على مقاليد الأمور ، والتى رأت فيه مصالحها ، ووسيلة لإحكام قبضتها ، ليس على المواطنين وحدهم ، ولكن على الدولة نفسها .. ثم لم يلبث الفساد أن توغّل وانتشر ،ولا أحد يستطيع الوقوف فى وجهه ، أو التصدّى له ؛ لأن الكبار يمارسونه ، ويؤيدونه ، ويسبغون عليه حمايتهم أيضاً ؛ باعتبارهم أصحاب السلطة والقوة والنفوذ .. وأصحاب القانون كذلك … وبدلاً من محاربة الفساد ، الذى ينخر فى كيان الإمبراطورية ببطء ، انشغل الكل بمحاولة إخفائه عبرالتشدّق بالمنجزات ، والتغنى بتاريخ الإمبراطورية ، وقوتها ، وسطوتها , وأمجادها القديمة ، وانتصاراتها السابقة الساحقة .. وفى سبيل هذا راحت الامبراطورية الرومانية تستنزف طاقاتها فى قهر الفكر ، ومحاربة العقائد ، وخنق الآراء والانتقادات الحرّة ، تاركة الفساد يستشرى .. ويستشرى .. ويستشرى … ثم صحا الكل فجأة على واقع ، لم يتخيّل مخلوق واحد ، فى العالم أجمع ، إمكانية حدوثه ، حتى فى أبشع وأسوأ الكوابيس …. انهارت الإمبراطورية الرومانية بكل عظمتها ، وأمجادها ، ومنجزاتها ، وتاريخها العريق … انهارت .. واندثرت .. وضاعت .. وانسحقت .. ولم يتبق منها سوى أطلال ، وآثار ، وذكرى للمؤرخين ، والأدباء ، والفنانين ، والسينما …. انهارت الإمبراطورية العظيمة ، وابتلع انهيارها ، أوّل ما ابتلع ، أولئك الذين كان فسادهم سبباً أساسياً لما أصابها … وكان السقوط والانهيار مدويين ، أذهلا العالم أجمع ، على الرغم من ضعف وبطء وسائل الانتقال ، نسبة إلى زمننا هذا ، وعجز العديدون عن تصديق ما حدث ، لفترات طويلة تالية … ولكنه حدث … وبالفساد وحده …. وكما يحدث دوماً ، تغيّر وجه العالم مع انهيار الإمبراطورية الرومانية ، وظهرت قوة عربية إسلامية جديدة ،على أنقاض الحضارة الهاوية .. قوة انتصرت عليها ، وهزمتها بإيمانها ونظامها ، وعقيدتها ، ثم انطلقت تشق طريقها فى كل اتجاه .. توغّّلت فى أفريقيا ، وبلغت أخبار فتوحاتها الآفاق ، حتى وصلت إلى بلاد الأندلس ، وحقّقت فيها أعظم فتوحاتها وانتصاراتها … قرون وقرون قضاها العرب فى الأندلس ، وأصبحوا منارة علم لأوروبا كلها ، وكادوا يصبحون سادتها بلا منازع … لولا ما حدث . للأسف . * * * * * * * وانتظروا البقية وياريت اشوف اراء
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|