|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
حضر مبكراً كعادته. وقف في الطابور الصباحي أمام وحول تلاميذه. أنشد السلام الوطني معهم كعادته. دخل فصله الأنيق مرهقاً تعِباً بل يتصبب عرقاً تحت السبورة وبين أصابعه طبشوراً. كان يجلس على كرسي عناء لمحاربٍ يستريح بين أسطر الحياة، ولكن جميل توقف عند أجمل سطر في حياته أولى (أول).
دخل مدير المدرسة ورآه منهكاً بين (زهور) الحياة، لكنه رفض مطالبه بالذهاب الفوري للمستشفى. كان مصراً على بقائه مع أحبته وفلذاته حتى سماع صوت الجرس وهو يردد (تلاميذي محتاجون إليَّ). كان يركض على قطرة عرق من جبينه يمسحها بيدٍ مملوءة ببقايا طباشير خط بها أجمل مفردة وجدت (الإخلاص). آثر السقوط بينهم، ومازالت الطبشورة (البيضاء) بين أصابعه، تعالت أصوات أطفاله بنداءات أول حرف تعلموه منه في أول كلمة في كتابهم منه (أبي)، نقله زملاؤه، وعندما وصل إلى المستشفى لفظ روحه إلى بارئها. كان بدء حياته ونهايتها معلماً وبين البداية والنهاية قصة إخلاص.. وصفه زملاؤه بخيرة معلمي المدرسة ، وأميزهم خلقاً. بفقده (فقدٌ) لرمزٍ أدى رسالته التربوية حتى آخر نفس في الحصة الأولى، والتي كانت الحصة الأخيرة في حياته. معلم الصف الأول الابتدائي (يرحمه الله). فما أنبلك أيها المعلم الجميل! وما أعظمك أيها الدرس الأخير! الذي نوزع منك صوراً شتى لعلهم يفقهون، صورة مع التحية إلى بعض أفراد مجتمعنا الذين لا يعرفون سوى الهمز واللمز بالمعلم. صورة مع التحية إلى إعلامنا - والذي أهمل قصة المعلم - ليعرف أجمل صور التفاني في العمل. رغم كل ما يعانيه المعلم من الإعلام الذي ساهم ولم يزل إهمالاً ومساهمةً في تحجيم المعلم بتصويره إنساناً ذا مشاكل يلبس نظارةً سوداء لمستقبل الأمة! صورة مع التحية لكثير من مديري سياسة الخط الأحمر! أما الصورة الأخيرة فهي صورة خالدة في مخيلة طلاب أولى (أول) تلك التي سطرها لهم بأول سورة قرآنية تعلموها منه، ودرس حياتي في الإنسانية جمعاء (الإخلاص). يستحق هذا المعلم الأب كل حرف من حروف لأبجدية الإنسانية. ترحموا على ذلك المعلم الإنسان. ادعوا له (رحمه الله).
__________________
ليس السخاء بأن تعطينى ما أنا فى حاجة إليه أكثر منك ، بـل السخاء فـى أن تعطـينى مـا تحتـاج إليــه أكثــر منـى.
|
العلامات المرجعية |
|
|