|
المواضيع و المعلومات العامة قسم يختص بعرض المقالات والمعلومات المتنوعة في شتّى المجالات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() «إسلام» فى السجن د.محمود خليل خففت محكمة الاستئناف الحكم السابق الصادر بحق «إسلام بحيرى» بسجنه خمس سنوات إلى السجن لسنة واحدة، وبناء عليه تم ترحيله إلى سجن طرة لتنفيذ الحكم. بإمكانى أن أتخيل مدى السعادة التى يشعر بها من اختصموا «بحيرى» واتهموه بازدراء الأديان، وبمقدورى أن أتصور مدى السعادة التى يشعر بها من أنكروا على الرجل طريقته فى تناول ما تشتمل عليه كتب التراث. وقد كتبت غير مرة فى هذا الموضوع، واختلفت مع بعض الأساليب التى يسلكها «إسلام» فى التعامل مع بعض النصوص، لكن ذلك لم يمنعنى من تفهُّم الدافع الذى يحركه إلى ذلك، ويبلغ به فى بعض الأحوال مبالغ الشطط من أجل تبيان فكرته حول أهمية مراجعة الكثير من الأفكار والأطروحات التى تشتمل عليها كتب التراث، ولا يستطيع منصف أن يقفز على محاولة هذا الشاب الاجتهاد فى هذا السياق. وحقيقة الأمر فإن انتهاء موضوع إسلام البحيرى إلى الحبس يمنحنا العديد من الدلالات على الحالة التى يعيشها مجتمعنا. أولى هذه الدلالات أننا ننتمى إلى مجتمع يرفض فى أغلبه التفكير والاجتهاد، ولا يريد أى تجديد فى فهم النصوص التى تشكل جانباً مهماً من جوانب تفكيره. مجتمع يحب الوراثة ولا يهوى الدراسة، ويحرص أكثره على تحويل عقله إلى مجرد علبة لتخزين الأفكار والمقولات الموروثة، وينزعج أشد الانزعاج من أى محاولة لمراجعتها أو التفكير فيها، خوفاً من أن تتهافت أو يتكشف له عدم عقلانيتها عندما توضع على ماكينة التفكير التى حبا الله الإنسان بها والمسماة بـ«العقل». والأعجب فى هذا الأمر أننا نعتبر التمسك بالموروث البشرى جزءاً من التمسك بالدين، رغم أن كتاب الله تعالى عتب فى الكثير من آياته على أقوام حرصوا على اتباع ما ألفوا عليه آبائهم دون التفكير فى مستوى وجاهته العقلية. يقول الله تعالى: «بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ». ثانى الدلالات أن أغلبنا لا يفهم المعنى الحقيقى للاجتهاد، وأن أى مجتهد يخطئ ويصيب، ويؤخذ منه ويُرد، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن علماء التراث ينتمون إلى هذه الفصيلة المنقرضة فى عصرنا، أقصد فصيلة المجتهدين، وينطبق عليهم ما ينطبق على كل المجتهدين من الصواب والخطأ، وبالتالى فمراجعة ما كتبوه أمر لا غضاضة فيه، اللهم إلا إذا كان قولهم وحياً يوحى. هذا الخلط فى مفهوم الاجتهاد وعدم استيعاب معناه الحقيقى هو الذى ساق البعض إلى الغضب على «إسلام بحيرى»، ولو فهم هؤلاء أن المجتهد يخطئ ويصيب، وأن أولى الناس باحترامه من أحالوا عقلهم إلى المعاش، أو قدموا استقالة من التفكير، لأنه يحمل عنهم عبء التبصير، لما غضبوا. لقد كتبت ذات مرة أن من رفعوا قضية على «بحيرى» يتهمونه فيها بازدراء الأديان هم الأولى بالمعاقبة بتهمة ازدراء الإسلام، لأن من يظن أن الإسلام، ذلك البناء الشامخ، يمكن أن يهتز أمام إنسان يفكر، هو المزدرى الحقيقى للدين.. وليس بعد ذلك دلالة!. |
العلامات المرجعية |
|
|