|
إبداعات ونقاشات هادفة قسم يختص بما تخطه أيدي الأعضاء من شعر ونثر ورأي الخ... |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#33
|
|||
|
|||
![]() (28) صباح العمل .. صباح الجمال و الأناقة أعمل بمدرسة يمتلكها رجل دؤوب ، سواه الدأب صاحب مدرسة و أخرى . ينمو ماله و عمله و رعيته فيربو موظفوه على الألف . و الآن يزيد الاتساع سعة فنضيف طاقماً جديداً للتدريس . يتعين علي أن أختار مدرسة جديدة تعمل في قسمي . تتقدم للوظيفة المتاحة شابة في أواخر العشرينات بلا خبرة في التدريس لكن شهادتها العلمية تؤهلها للوظيفة . تثبت جدارة على من تقدمن فتستحق الوظيفة . تلفت انتباهي بأناقتها ، بدلة سوداء تبرز جمال قوامها و طرحة جميلة تخفي شعرها. ألفت انتباهها إلى أننا لا نرتدي بنطلونا في العمل فتأتيني تالياً بجيبة و قميص طويل متسعين. كان ذاك قبل بداية يوليو أي نهاية العام الماضي . ******************** يمنحنا أغسطس بداية عام جديد فأجدها معنا .تأتيني مرتبكة ، تحكي لي عن مشكلة ، تقول برجاء لا يضايقك كلامي . تخبرني أنها علمت بوجوب ارتداء ثوب في العمل مع طرحة غير مزخرفة. أمر لا يقبله والدها الذي قبل الطرحة بصعوبة . تحكي عنه أنه رجل مسن في الثمانين و أنها لا تحب أن تغضبه لأنه مريض . أترفق بها فانصت و افكر باحثة عن حل ، مؤكد أفهم ما تمر به فقد أحضر الحجاب زوبعة خلاف مع والدي . خلاف طال بيننا زمناً خلته الأبد حتى رحمني الله. فأبناء زمن زعموا له الجمال جملوا حياتنا بمبادىء لا تعرف للحرية هامشاً ، قلق يجر خلاف ، يحضر معه القذى فيملأ العيون عمى و يثقل الأنفس حزناً . جذر شيطاني ، أحسبني خلعته فأجده يتجدد حتى تجتثه يد المولى فنرتاح جميعاً . افكر في حل عملي حتى لا يعصرنا عناد الرجال : أب كبير لا يعجبه الحجاب و صاحب عمل لا يعجبه ارتداء البنطلون و الجيبة في العمل . أقول ما عليك لو وضعت ثوبك في حقيبة و ارتديته في المدرسة ، ثم خلعته بعد يوم العمل حتى يأذن الله بتغيير ذلك كله . تقول لي إنها ستفكر في الأمر و تخاطب والدها بشأنه. يربك هذا الأمر كلتانا . تتردد في الاستمرار في عملها حتى تأخذ رأي أبيها . أقول سأصلي و أسأل ربنا كيف نتصرف فالأمر حقاً عصيب لنا . لعل الطرف ناحيتي أيسر حالاً . أمامي خيارات أخرى غيرها إن هي قررت عدم الحضور غداً . عليها أن تحسم موقفها حتى اتصرف في ضوئه. ************************* أصلي بعد العشاء فأطيل . أستخير مولى بنا رؤوف رحيم . دينه اليسر ، لكن أخلاق عباده العسر . و إذ أسأله و أكل الأمر إليه وحده ، يفك كربنا .يخطر ببالي أنني سأدبر أموري بغيرها . بل أريدها معي طبعاً . مهنتي يرتبط فيها العمل بالشخصي رباطاً وثيقاً . ثم لماذا يحرموني من كل ما أحب؟ من حقي التشبث بما أريدهــ(ا) . أحب لها ما تحبه لنفسها أن تختار وظيفتها . أثناء الصلاة ، يلحقني ألم شديد لا أعرف مصدره.كأنما قيد يطوق رقبتي يكاد يسحقها ، انزعج منه فألجأ لربي لفكه عني . تنتهي الصلاة فأتحسس رقبتي بيدي . لا ألم مطلقاً . ما هذا الذي أحسسته ؟ تنتهي الصلاة و أنا أدرك شيئاً ما . ************************* في اليوم التالي ، لا أجدها في فصل القرآن فينتابني القلق . اتصل بها بعد الدرس لأطمأن عليها . _ تعتذر أنها لم تخبرني أنها ذهبت تجهز الأوراق المطلوبة للتعيين. _ لا عليك ، أقلقني غيابك . _ متفائلة خيراً بشأن موافقة أبي على ارتدائي ثوباً . *********************** يحضرها اليوم الثالث بثوب أزرق ذو نقوش و حافة مزخرفة أنيقة يزينها فيزيدها بهاء .تبهر الجميع بأناقتها و ذوقها اللطيف فيقبلن عليها مهنآت . لكل من يحبون النهايات السعيدة : تالياً ، تتبوأ مكانها في العمل تكلؤها عين الرضا . ***********************
|
العلامات المرجعية |
|
|