اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > المواضيع و المعلومات العامة

المواضيع و المعلومات العامة قسم يختص بعرض المقالات والمعلومات المتنوعة في شتّى المجالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-08-2017, 08:08 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة emadfawzy مشاهدة المشاركة
استاذنا العزيز / أيمن نور

مع كامل الاحترام لك و للكاتب يوسف زيدان الا انني متابع له و أري أن الكثير من ارائه تحمل الكثير من المغالطات مثل الموجودة في المشاركة عن صلاح الدين الأيوبي الملئ بالمغالطات عن صلاح الدين و رد عليه الكثيرين من الكتاب واري أن ارائه عن فلسطين و المسجد الأقصي هي من الآراء الشاذة و الغريبة لذا يجب التنويه للكثير من الشباب الذين يستخدمون المنتدي و دعوتهم الي أن هناك ردودا علمية من جانب متخصصين علي كل ما ينشره يوسف زيدان
رائع جدا مستر عماد فوزى

سعيد جدا لمتابعتك لكتابات الدكتور يوسف زيدان و انتقادك لبعض آرائه

و كم أتمنى أن تتابع سلسلة مقالات ( موانع التقدم ) و تسجل وجهة نظرك فيها و تضيف أيضا ردود العلماء الآخرين و انتقاداتهم عليه ليستفيد الشباب الذى يتابع المقالات

فحجب الفكر يخلق مجتمعا جاهلا ، أما عرض الفكر مع اختلافه و تنوعه يخلق جيلا مثقفا وواعيا

تقبل خالص احترامى و تقديرى لحضرتك

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-08-2017, 08:13 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

موانع التقدم: الهجرة



يوسف زيدان

للهجرة معان متعددة، لكنها تدور كلها حول محور المكان أو بالأحرى كون المكان محلاً للاستقرار، وهو المسمى «الوطن» أو كونه محلاً لأحد الموضعين والموضوعين المتناقضين: الطرد، الجذب.. فلا هجرة إلا من مكان طارد، ولا هجرة إلا لمكان جاذب. وقد يكون الموضع منطقة أو ناحية أو بلداً كبيراً، لكنه وبصرف النظر عن مساحته وطبيعته صار موضع طرد يهاجر منه، أو موضع جذب يهاجر إليه.

ولمواضع الطرد سمات سلبية تتصف بها، منها: الجدب، الكآبة، استحالة العيش، الكوارث الطبيعية، الاستبداد السلطوى، وقوع المآسى العامة والخاصة.. وبالعكس من ذلك، وليس على النقيض منه، تكون مواضع الجذب! إذ ليس من شروطها أن تكون الحياة فيها رغدة ومبهجة، وإنما يكفى أن تكون فيها الحياة محتملة، وممكنة.

وهناك أشكال عديدة للهجرة، منها من حيث الامتداد الزمنى: الهجرة الدائمة، الهجرة المؤقتة. أو بعبارة أخرى: الهجرة بلا نية فى العودة، الهجرة إلى حين.. وبالطبع لا تدخل فى ذلك الزيارات والرحلات والعمرات «كلمة عمرة تعنى فى فصيح اللغة: زيارة مكان أو التردد إليه».

ومن حيث العدد، فهناك هجرات جماعية وأخرى فردية، وكلتاهما كثيراً ما حدثت فى الماضى وتحدث فى الحاضر المعاصر، فمن الهجرات الجماعية القديمة، الشهيرة: نزوح العرب من اليمن إلى النواحى الشمالية «الشام، العراق» عقب انهيار سد مأرب فى حدود سنة ألف قبل الميلاد، وهروب الأرمن من بطش الأتراك الغشوم، ونزوح السوريين الهاربين من بلدهم إلى أوروبا لأن البلاد المجاورة ليست وطنهم المزعوم الذى كانوا يكذبون علينا فى الصغر قائلين: بلاد العرب أوطانى! وليست على دينهم لأن الإسلام النفطى غير إسلام الفقراء، وإسلام السنة الوهابية ليس كإسلام الشيعة الاثنى عشرية.. ورفع راية الإسلام فى بلد لا يعنى فعلاً استمساك حكامه به، وإنما هى حيلة معتادة لخداع العوام والجهلاء من أهل هذا البلد أو ذاك.

وفى المقابل من الهجرات الجماعية وعمليات النزوح، هناك هجرات فردية يقوم بها فى الغالب أشخاص متميزون كالنابغين فى العلوم والفنون حين تضيق بهم أوطانهم، أو كهؤلاء الحالمين الذين لا يرحب الواقع بطموحاتهم.

■ ■ ■

وبالإضافة لما سبق، هناك الهجرة الفعلية والهجرة بالنية، وهو ما تناولته فى مقالة قصيرة نشرتها قبل اثنتى عشرة سنة، وقلت فيها: أصابنى فزع حين علمت أن معظم الشباب الأقباط، إناثاً وذكوراً، من سن العشرين إلى الخامسة والثلاثين «تقريباً» تقدموا بطلبات هجرة إلى كندا وأمريكا وأوروبا وإستراليا، بل يقال إنه لا يوجد شاب قبطى أو شابة، خصوصاً خريجى الجامعات، إلا وقد تقدم بطلب هجرة واحد على الأقل! وكثير منهم يتقدمون بأكثر من طلب إلى أكثر من جهة. ولا يقتصر الأمر على شباب الأقباط، فإن كثيرين من أقرانهم المسلمين يتدافعون أيضاً لتقديم هذه الطلبات أو الالتماسات، للجهات المعنية مثل السفارات وإدارات الهجرة ومكاتب «القرعة» التى يسمونها اليوم: اللوتارى.

ولفزعى من هذا الأمر أسباب، أولها ما يرتبط بالهجرة من مفاهيم موحشة مثل الهجر والهجران والهجير والمهجور، وهى مفاهيم استبدت بنفوس مقدمى هذه الطلبات ثم دفعتهم لتقديمها أملاً فى الخلاص من أمور تحيط بهم. وهى أمور لم يهتم أحد منا ببحثها بشكل جاد، وقعودنا عن العناية بأمر كهذا، سبب قوى لإثارة الفزع.

وسبب آخر، خطير، هو أن الملايين ممن ينوون الهجرة، يكونون قد هاجروا نفسياً لحظة تقديمهم الطلب، وهجروا الوطن على المستوى الشعورى. ويظل حالهم على هذا، حتى لو ظلوا سنوات ينتظرون الإشارة بالرحيل. فتكون النتيجة الفعلية أننا نعيش فى بلد فيه ملايين المهاجرين بالنية، أو المهاجرين المؤجلة هجرتهم، أو الذين رحلوا عن هنا بأرواحهم ولاتزال أبدانهم تتحرك وسط الجموع كأبدان الموتى الذين فقدوا روحهم ولم يبق لديهم إلا الحلم الباهت بالرحيل النهائى.

■ ■ ■

وبعيداً عن هذه التمهيدات النظرية، ومن بعدها، نقول إن الهجرة هى معيار عملى يمكن الحكم به على حال المجتمعات من حيث التحضر أو التدهور، والتقدم أو السقوط. إذ إن مواطن الطرد هى بالقطع مواضع تشهد انهياراً وتدهوراً وسقوطاً. وبقدر قوة دفعها ومقدار طردها لأهلها، يكون مقدار تدهورها وقوته، وفى المقابل فإن قوة جذب المكان دليل على معدل تطوره وسرعة تقدمه وتحضره، فكلما كان هذا المعدل أسرع كان المكان أكثر جذباً وأشد جاذبية للمهاجرين.. لاسيما الذين كانت هجرتهم مستديمة وأبدية، كما هو الحال فى أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية «بل منذ بداية القرن العشرين» وفى أستراليا وكندا، وغيرهما فى العقود الأخيرة.

وفى النصف الأول من القرن العشرين، كانت مصر تخطو خطوات واسعة نحو التحضر والتقدم فى كافة المجالات الحياتية. فمن عناية «جادة» بالتعليم «الجاد» إلى ارتقاء معمارى وفنى وفكرى، إلى واقع سياسى يسرع الخطى نحو الملكية الدستورية الوقورة، إلى اقتصاد متماسك ينعكس فى قوة الجنيه المصرى وفى اعتقاد عوام الناس أنه لا أحد يموت من الجوع، مع أن المجاعات كانت دوماً، وسوف تظل أبداً، تميت كثيراً من الناس.. وفى تلك الفترة، كانت مصر منطقة جذب للمهاجرين من الشوام والأرمن واليونان والإيطاليين، وغيرهم، بل إن بعضهم كان يأتى فى زيارة لمصر أو عمل، فيهواها ويستقر بها حتى وفاته. ومن الأمثلة المشهورة على ذلك المعمارى الإيطالى المبدع «ماريو روسى» والمستشرق الألمانى الكبير «ماكس ميرهوف» والباحث المرموق «باول كراوس» وفقيه العقائد الفرنسى «رينى جينون» الذى جاء لمصر سنة 1930 فى زيارة لجمع مصادر تتعلق بدراسته للتصوف، فإذا به يرفض مغادرتها ويسكنها ويتزوج مصرية، ويعلن إسلامه، مختاراً لنفسه اسم عبدالواحد يحيى.. ومن رحمة الله به، أنه مات سنة 1951 فلم ير وجوه «الأحرار جداً» ويشهد ما فعلوه بالعباد والبلاد. «كتب عنه د. عبدالحليم محمود، فصلاً بديعاً فى كتابه: المدرسة الشاذلية».

وخلال السنوات القليلة الممتدة من منتصف القرن العشرين إلی عام 1960 تحولت مصر التى كانت رائدة الفكر والتحضر فى المنطقة العربية، من النقيض إلى النقيض.. فصارت منطقة طرد وتهجير الأجانب «للاستيلاء على ما يملكون ولليهود، لأنهم الأعداء الذين وقع عليهم اختيار الساسة الحاكمين الذين سلموهم «الفالوجا» ثم تراجعوا أمامهم منهزمين فاتسعت دولة إسرائيل حتى شملت سيناء والجولان والضفة! والمضحك المبكى، أن الأحرار جداً حين سلبوا يهود مصر أموالهم ومالهم «مع ما سلبوه من أثرياء المصريين» حافظوا على المسميات العبرية لممتلكاتهم، فصارت شركة المنتجات المصرية: بنزايون، عدس، ريفولى.. وكانوا يكتبون فى اللافتات العريضة «بنزايون» من دون أن يدركوا بجهلهم الفاضح أنها تعنى: ابن صهيون.

وأعقب ذلك، منذ نهايات الخمسينيات، مغامرات عسكرية لإلهاء الناس بالداخل. على غرار «تأميم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية»، وذلك قبل سنوات قليلة من انتهاء عقد امتياز القناة وعودتها سلمياً إلى ملكية مصر، فقامت الحرب العبثية.. وبالمناسبة، حصلت الشركة الفرنسية على حكم دولى بتغريم مصر «عشرة ملايين جنيه، مصرى» وتسلمته واستثمرت فى مجال الغاز والطاقة، وهى اليوم تمد فرنسا بالغاز تحت اسم «سويس فرانس جاس» وهى الشركة التى بلغت ميزانيتها سنة 2007 اثنين وخمسين مليون يورو.

وكان من تلك المغامرات العسكرية، حرب اليمن «التعيس» التى أودت بحياة عشرات الآلاف من الجنود المصريين، الذين لا يوجد إحصاء دقيق بعددهم الذى تتراوح تقديراته ما بين أربعة عشر وسبعين ألف جندى مصرى.. والله وحده يعلم عدد ضحايانا المصريين والضحايا اليمنيين، بدقة، لكننا نعلم جميعاً أن نتيجة هذه الحرب كانت: عبدالله السلال، الذى ورثه بالانقلاب عليه عبدالله صالح.

ولما وقعت الفاجعة الكبرى بسبب تمركز القوات المسلحة المصرية على جزيرتى تيران وصنافير، وإغلاق البحر الأحمر أمام سفن إسرائيل، فقامت الحرب ولم يصدق قول القائل: سنلقى بإسرائيل ومن وراء إسرائيل فى البحر! وإنما لحقت بالبلاد هزيمة 1967 الفادحة، المسماة عندنا تخفيفاً وخداعاً للعوام «النكسة».

وتقطعت صلات مصر بالعالم المتقدم، وجرى التراجع الحضارى وتزايد التدهور فى المجالات جميعها. فنشطت بل تسارعت عمليات الهجاج المصرى إلى خارج البلاد، متمثلة فى هجرات نهائية دائمة إلى الدول الأوروبية، وفى الهجرات الحولية المتكررة إلى بلاد النفط لجلب فتات المال الممزوج بالفكر الوهابى، فظهرت الجماعات المتطرفة وسكنت العشوائيات التى تكاثرت بالبلاد.

وفى فترة التدهور الحضارى التى امتدت بمصر عقوداً من الزمان بدأت سنة 1952 ولن تنتهى فى المدى المنظور، ظهرت صورة أخرى من صور الهجرة هى التهجير القسرى: مدن القناة، من أجل الحرب.. والنوبة من أجل السد العالى وبحيرة ناصر «ناصر يا حرية، ناصر يا وطنية، يا روح الأمة العربية، يا ناصر! صورة صورة صورة، كلنا كده عايزين صورة، صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة»، وكانت الهزائم تتوالى عسكرية وحضارية، ونحن نغنى للانتصارات الخيالية. واليوم، لم يعد التهجير القسرى مستغرباً لأنه صار كثير الحدوث. فكلما نشب خلاف بين المسلمين المتعصبين والأقباط المستكينين بها، كان أسرع الحلول: تهجير الأسر القبطية!

وعلى هذا النحو صارت مصر منطقة طاردة لأهلها، وصار حلم معظم المصريين هو الهجرة التامة النهائية إلى أوروبا أو أمريكا أو كندا أو أستراليا، والهجرة الحولية التى تمتد سنوات وصلت إلى الثلاثين عند بعض المحظوظين الذين حصلوا على عقود عبودية مؤقتة، مختارة، لدى الأشقاء النفطيين.

■ ■ ■

«لا يُهاجر إلا القادر».. كدت أجعل هذه العبارة هى عنوان تلك المقالة، ثم رأيت أن أترك العنوان محايداً. والحياد عند الحب والحسرة عسير. ولشرح هذه العبارة أقول: إذا كانت هناك أسرة متعددة الأجيال، مكونة من جد وجدة وأولادهم الأربعة وزوجاتهم وأطفالهم الأحفاد، فكان الأربعة «جيل الوسط» متعلم، وجاهل، وقوى، وضعيف. فمن من هؤلاء لديه الفرصة الأوفر للهجرة؟ طبعاً، المتعلم والقوى لأن كليهما قادر على العطاء فى منطقة الجذب التى يهاجر إليها. وهذا يعنى أن الباقين بمنطقة الطرد هم: الشيخ الفانى، العجوز التى فى الغابرين، النسوة اللواتى لا حيلة لهن، الأطفال.. فمن من هؤلاء يمكنه العمل لرفع مستوى منطقة الطرد؟ منطقة البؤس والتدهور الذى لا يبشر أبداً بخير أو تطور حقيقى؟!

ودون هذا التخييل والتمثيل، نقول: كيف كان من الممكن لمصر تحريك عجلات التقدم قدماً، ودفعها إلى مصاف الأمم المحترمة فى العالم، إلا بتلك الطاقات البشرية التى هاجرت فأعطت ثمرة جهدها فى منطقة الجذب؟ ومع غياب هؤلاء بالهجرة، وبعد أن طردت العملة الرديئة الجيدة، بقى فى البلاد الأقل عطاءً وعلماً وقدرة على الارتقاء. فانتشر الجهل ونُشرت رايات التأخر وتفرقت بالناس السبل المتناقضة، فمن اجتياح للتدين الشكلى الكاذب إلى عهر رقيع فاجر، ومن جماعات متطرفة إلى مواخير ليلية صاخبة، ومن قبح فى هيئة الأشخاص إلى تشويه فى المبانى الخالية من أى فن معمارى، ومن تعليم يتدهور إلى شعب ينفق على العمرة والحج مبلغاً يزيد على الميزانية العامة للتعليم، ومن اختفاء للذوق الرفيع والآداب العامة واحترام الفكر إلى فنون هابطة هبوط الماشية وقعودها على الأرض السبخة، ومن لحى وجلابيب تطول إلى جهل يصول ويجول.

ومن منفى، إلى منفى

ولمن لم يفهم المعنى

نقول ما قال المعنَّى شى

محمود درويش:

ليس لى منفى،

لأقول لى وطن

الله يا زمن

الله يا زمن

■ ■ ■

وبدلاً من اتخاذ التدابير لإيقاف نزيف الهجرة الذى أخرج من مصر عشرة ملايين شخص، هم الأمهر والأقوى والأعلى تعليماً، أنشأنا فى مصر وزارة للهجرة! باعتبارها أمراً مناسباً للحاكمين.. فهؤلاء المهاجرون يجلبون المال للبلاد، ولا يستهلكون شيئاً! وهى وجهة نظر قاصرة تفتقد أدنى شروط التخطيط للمستقبل، على المستويين القريب والبعيد.

وكما أشرنا مراراً فى المقالات السابقة، فإن موانع التقدم وعناصر التأخر تتآزر فيما بينها وتتساند وتتفاعل تفاعلات داخلية لا حصر لها.. تماماً. مثلما تتآزر وتتساند وتتفاعل العوامل والعناصر المؤدية إلى التحضر والنهوض بالمجتمعات. ومن هنا نلمح العلاقة الخفية بين الهجرة والواحدية والشعور باللاجدوى والنزاع المذهبى.. وغيرها من موانع التقدم التى سوف نتوقف عندها فى المقالات المقبلة من هذه السلسلة التى أرجو أن تتم على خير، وتؤدى إلى خير.


















آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 09-08-2017 الساعة 08:17 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-08-2017, 04:59 PM
ماهر فتاكه ماهر فتاكه غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
العمر: 30
المشاركات: 262
معدل تقييم المستوى: 11
ماهر فتاكه is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aymaan noor مشاهدة المشاركة
رائع جدا مستر عماد فوزى

سعيد جدا لمتابعتك لكتابات الدكتور يوسف زيدان و انتقادك لبعض آرائه

و كم أتمنى أن تتابع سلسلة مقالات ( موانع التقدم ) و تسجل وجهة نظرك فيها و تضيف أيضا ردود العلماء الآخرين و انتقاداتهم عليه ليستفيد الشباب الذى يتابع المقالات

فحجب الفكر يخلق مجتمعا جاهلا ، أما عرض الفكر مع اختلافه و تنوعه يخلق جيلا مثقفا وواعيا

تقبل خالص احترامى و تقديرى لحضرتك

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
دا رجل علماني ومش مجرد رأي بيعرضو وخلاص
دي سموم بينشرها ليضل الناس
وكتير يعرفوه كويس جدا ويعرفو ارائه ضد الدين
فيا ريت متعرضوش حاجه له هنا في الموقع علشان ميتأسرش بفكره حد
وشكرا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22-08-2017, 11:44 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ruqazico مشاهدة المشاركة
دا رجل علماني ومش مجرد رأي بيعرضو وخلاص
دي سموم بينشرها ليضل الناس
وكتير يعرفوه كويس جدا ويعرفو ارائه ضد الدين
فيا ريت متعرضوش حاجه له هنا في الموقع علشان ميتأسرش بفكره حد
وشكرا
موانع التقدم: البنية الاحتقارية




يوسف زيدان

تذكيراً بما ذكرته مختصراً فى خاتمة مقالتى السابقة، وتأسيساً عليه، فإنه من الخطأ الفادح أن نرد الوقائع والأحداث إلى سبب واحد، أو علة، وحيدة لأن كل واقعة كبرى أو صغرى، فردية أو قومية، تشترك عناصر عديدة وتتآزر فيما بينها لإحداث هذه الظاهرة أو تلك، وإبرازها إلى حيز الوجود..

وبالتالى، فإن تبسيط الوقائع والأحداث وتسطيحها بردها إلى عنصر وحيد من العناصر التى تساندت فيما بينها فأظهرتها أو سمحت بوجودها، هو نوع من الفهم القاصر والتفسير السطحى الذى يؤدى إلى وعى ناقص وإدراك معطوب للوقائع.. لأنه مهما كان هذا العنصر الوحيد مهماً، فلابد من تفاعله مع عناصر أخرى عديدة، أدت إلى حدوث هذا الحدث أو تلك الواقعة. فعندما نقول، مثلاً، إن النهضة المصرية الحديثة فى القرن التاسع عشر تعود إلى رغبة «محمد على» فى تأسيس إمبراطورية يحكمها هو وأسرته من بعده، فهذا تبسيط مخل يهدر إمكانية فهم هذا التحول الكبير الذى حدث، وتفسيره على نحو صحيح. صحيح أن هذه الرغبة قد تكون عنصراً من عناصر تشكيل هذه الظاهرة المركبة «التحضر الحديث» لكنها ليست كافية للتفسير بمفردها، ولا يمكن الاعتداد بها إلا فى تساندها وتفاعلها الداخلى مع العناصر الأخرى التى أسهمت بنسب متفاوتة فى حدوث هذه النهضة الحضارية فى مصر بالذات، دون بقية البلدان المجاورة. عناصر مثل: الحالة المترنحة للخلافة العثمانية التى كانت قد آلت آنذاك للسقوط، وظلت تتزايد حتى صار إلغاؤها محتوماً، فقام «أتاتورك» بذلك سنة 1923 بعد عمليات التداعى والترنح والهزال، التى استمرت لأكثر من مائة سنة.. حالة النشاط الاستعمارى الأوروبى، والتفاهمات التوسعية التى صاغتها سياسة «المؤتمرات» بين القوى الاستعمارية الأوروبية ذات النفوذ ..

حالة الإفاقة المصرية من السبات أو الإغماء الحضارى الذى أعقب الغزو العثمانى لمصر لتحويلها هى والشام إلى «حوش» خلفى آمن، وهى الحالة التى ظهرت فى النشاط العلمى والفكرى بمصر قبيل مجىء الحملة الفرنسية وأثناء وجودها القصيرة مدته.. العظيمة آثاره.. الجهود الفردية التى بذلها أمثال: حسن العطار، رفاعة الطهطاوى، كلوت بك، أحمد لطفى السيد، على مبارك، سليمان باشا الفرنساوى، جمال الدين الأفغانى «المتأفغن، حسبما كان يسميه أبوالهدى الصيادى» وغير هؤلاء كثير من الأفراد المتميزين فى مختلف المجالات. ناهيك عن عناصر أخرى غير مباشرة، مثل استفزاز الروح المصرية بالاحتلال الفرنسى القصير والاحتلال الإنجليزى الممتد عقوداً من الزمان عقب «هوجة» عرابى، ومثل الحالة الاقتصادية المستقرة بمصر وكونها خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين «منطقة جذب» على النحو الذى شرحناه فى مقالة الأسبوع الماضى، والحالة العسكرية التى سمحت بقمع عصابات البدو التى كانت تهاجم قوافل الحج، والتى لم تسمح بانقلابات داخلية إلا فى هوجة أحمد عرابى كارثية المآل.

وفى المقابل من ذلك، وفى سياق رصدنا لظاهرة التخلف الحضارى الذى لحق بمصر خلال النصف الأخير من القرن العشرين «ولايزال مستمراً» نقول إن هناك عناصر كثيرة تفاعلت فيما بينها وتآزرت لإبراز هذه الحالة المزرية التى سرنا إليها وصرنا عليها، وقد عرضنا سابقاً لبعض هذه العناصر التى تساندت فيما بينها فأدت إلى ذلك، وسوف نعرض مستقبلاً لعناصر أخرى، أما اليوم فسوف يكون حديثنا عن عنصر وعامل مهم هو: البنية الاحتقارية.. المعوِّقة بطبعها لكل تقدم أو تحضر أو نهوض.

■■■

فى الأسبوع الأول من ثورة يناير، وقبل انحرافها عن المسار بسبب فقدان البوصلة ونقص الوعى العام، كتبت فى هذه الجريدة التى بين أيدينا مقالاً بعنوان «الثورة على الاحتقار» قلت فيه ما نصه:

يبدأ «الاحتقار» فى الاستيطان بالبلاد وفى الغوص بأرضها، مع شعور الحاكم الأعلى بأنه وصل إلى كرسيه مصادفة، أو حسبما يقال بالعامية: فلتة «وهى أيضاً كلمة فصيحة، وصفوا بها وصول بعض الخلفاء إلى الحكم» فإذا استطال زمن استيلاء هذا الحاكم الذى تولى الأمر على نحو فجائى، ترسَّخ عنده الشعور بأنه أقل قيمة من كرسيه، ولكى يتخلص من هذا الشعور المرير، غير المعلن، يسعى بشكل تلقائى غير واع فى معظم الأحيان، إلى التخلص من إحساسه بالاحتقار الذاتى، باحتقار الآخرين، فيحيط نفسه بالأشخاص الذين يبذلون له من تحقير أنفسهم ما يساعده على التخلص من إحساسه باحتقاره لذاته، وتصاغ هذه العلاقة على هيئة كاذبة يوصف فيها المحيطون بالحاكم بأنهم: أهل الثقة، أصحاب الولاء، جماعة المماليك.. إلخ.

وقد ارتضى الناس حرصاً على مصر عقب م*** «السادات» بحكم مبارك الذى اعتلى الكرسى فلتة فوعد الناس بالكثير ولم يفعل إلا القليل، وأكد على الديمقراطية ودولة القانون بينما كان ترزية القوانين ومرقِّعو الدساتير يعبثون سراً وعلانية بنصوص القانون والدستور، بما يضمن بقاء الرئيس رئيساً مدى حياته.

ومع ما سبق، وبالإضافة إلى التهليل الإعلامى الدائم، والإخفاء المتعمد للحقائق، والكذب والتدليس. يتخلص الرئيس من شعوره الدفين بالاحتقار، بأن يحتقر الذين حوله على اعتبار أنهم «خدم» مؤبَّدون ومؤيِّدون له، ولا يحتمل الاحتكاك بوجوه جديدة لا تنظر إليه بالانكسار الذى اعتاده من المحيطين به.. وتلك الحاشية المحيطة بالحاكم، لا يلبث الاحتقار الذاتى أن يتسلل إلى نفوسهم، فيحتاجون إلى دفعه بعيداً عنهم بالطريقة ذاتها التى دفعوا بها الاحتقار الذاتى عن ربهم الأعلى «الرب هنا بالمعنى السياسى والاجتماعى، لا الدينى» فيحيطون أنفسهم بجماعات من أهل الثقة والولاء والتذلل الذى يخفف من شعورهم الذاتى العميق، المؤلم، بالاحتقار. ومن هنا يتسلسل الأمر ويتسلل إلى الجهاز الحكومى كله، بكل ما فيه من مؤسسات، فيغدو المجتمع كله غارقاً فى «البنية الاحتقارية» التى يتم فيها التخلص من وطأة الاحتقار بالاحتقار، ومن مرارة الشعور الذاتى بتحقير الآخرين. وهو الأمر الذى يتجلى فى وقائع يومية مثل: قطع الطرق على الناس بالساعات لمرور الحاكمين بسلام! السخرية العلنية من الجمهور ومن المعارضين، الاستخفاف بعقول الناس عبر أداء إعلامى ساذج، التلويح بأن البلاد مستهدفة ولن ينقذها إلا العسكريون.

وقد استولت على المجتمع المصرى البنية الاحتقارية، مع الانقلاب العسكرى الذى قام به الضباط الأحرار «لاحظ التناقض بين الضبط والتحرر» الذين احترم الملك نفسه معهم وأخلى لهم الساحة، فكان منهم ما كان من تعطيل القوانين والاستعلاء عليها.. «جريدة المصرى اليوم، يوم الأربعاء 9/2/2011».

■■■

وبالإضافة إلى انعكاس «البنية الاحتقارية» على مجمل الواقع العام السياسى، حسبما يظهر مما سبق، تنعكس هذه البنية أو المنظومة على الواقع الاجتماعى وتظهر فى تجليات متعددة مثل التحرش بالنساء فى الطرقات والشوارع. وهو فعل حقير لا يكفى لتفسيره، ما يقال عن التدهور الخلقى وعدم كفاية الردع وملابس النسوة والبنات وتأخر سن الزواج.. إلخ، لأنه بعيداً عن «الاحتقار» لا يمكن فهم هذه الظاهرة التى تبدو بنسب متفاوتة فى معظم المجتمعات، لكنها تصل فى مصر إلى درجة مزرية. فالتحرش يرتبط بنظرة احتقارية للأنثى تنكر عليها إنسانيتها وتحصرها فى كونها «بنتاً كانت أو امرأة» مثيراً جنسياً، ومفهوم الجنس فى ثقافتنا المعاصرة، المريضة، يقترن بسمات احتقارية يستعلى بها الفاعل على المفعول بها، ولا يرتقى إلى مفهوم التكامل بين الفاعلين. ولهذا يفتخر الذكر بمغامراته وتسترها الأنثى وإلا نظر إليها المجتمع باعتبارها خليعة! أما الذكر الذى يشتهر بكثرة غرامياته ومغامراته فهو معبود النساء، الدون جوان.. وبتعبير عامى رخيص: الفتك «بكسر الفاء».

فلا غرابة، والحال كذلك، أن يستعر بالشوارع التحرش بالإناث لأنهن أصلاً فى الأذهان المتخلفة، مجال الغزوات ومحل إشباع الشهوات وحقيرات بالطبيعة ونجسات بحكم الشريعة وليس لهن الحق فى الخروج من بيوتهن التى أمرهن الله أن يقرن فيها. ومن الطبيعى فى تلك الحالة، دفع الاحتقار بالاحتقار! فنجد معظم الإناث يحتقرن معظم الرجال، حتى فى غير التوجهات النسوية. فيصير الأولاد فى ذهن البنات تافهين، والرجال فى أعين النساء أغبياء، لأن التحرر من الحالة الاحتقارية يبدو سهلاً عند مواجهة الاحتقار بالاحتقار المضاد.

كما تنعكس «البنية الاحتقارية» اجتماعياً، فى نظرة سكان المناطق الراقية فى مدينة ما إلى سكان الأحياء الشعبية. وأولئك وهؤلاء يحتقرون سكان العشوائيات! ثم يتنزل الأمر ويزداد فجاجة مع احتقار أهل المدن الكبرى لأهل المدن الريفية الذين يحتقرون بدورهم أهل المراكز الريفية الذين يحتقرون أهل الكفور والنجوع. وفى المقابل، يحتقر المحتقرون المحتقرين، فتصير هذه النزعة عامة ومتغلغلة فى نفوس الآخرين تجاه الآخرين، ويغدو المجتمع غارقاً فى الاحتقارية.

كما يتجلى ذلك أيضاً فكرياً وثقافياً، فتجد الاحتقار هو أساس نظرة المتدين لغير المتدين، والعكس.. وتجد الاستخفاف بالفنون الأرقى كالموسيقى الكلاسيكية تجاه الغناء الهابط وصخب «المهرجانات» وبالعكس.. وتجد الجرأة الجاهلة على النخبة المثقفة واحتقار كل فريق للآخر.. وهكذا إلى ما لا نهاية له من الأمثلة الدالة على هيمنة النزوع الاحتقارى.

وعلى هذا النحو، تسود البنية الاحتقارية وتتجاوز منطلقها السياسى، فتصل إلى كافة الجوانب: الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية... إلخ، فتكون النتيجة النهائية هى إهدار قيمة الإنسانية ونسيان المعانى والمفاهيم الحضارية، لصالح عمليات التنفيس السيكولوجى البائس، فيغوص المجتمع كله فى مستنقع التخلف ويتدهور حاله يوماً من بعد يوم، مع التفاعلات الدائمة بين «الاحتقارية» وبقية المعوقات.

■■■

ورصد معوقات وموانع التقدم هو الخطوة الأولى للخروج من دهاليز التدهور إلى آفاق التقدم.. إذ لا علاج إلا بعد عمل التشخيص الدقيق، ولا نجاة لنا من التخلف إلا بالخلاص من هذا الوباء الاحتقارى، والإعلاء من قيمة الإنسان فى ذاته.. بعبارة أخرى: لا يمكن إحداث تقدم أو تحضر أو ارتقاء، فى مجتمع يشكو التحرش ولا يستطيع القضاء عليه.. وفى مجتمع لا يحترم فيه الجميع الجميع ابتداءً.. وفى مجتمع يستعلى فيه المدركون لحقارتهم الذاتية، فيدفعون عن نفوسهم هذا الإحساس المرير باحتقارهم لغيرهم.

ورصد مستوى ودرجة «الاحتقارية» السائدة بين الطبقات، فى هذا المجتمع أو ذاك، هو وسيلة أساسية لاستكشاف الحالة الحضارية واتجاهات التحضر والتدهور، فمع التسليم بأن أى مجتمع إنسانى لا يخلو تماماً- وبالأحرى: لا يبرأ- من نزوع لإعلاء الذات يترتب عليه قدر ما من «الاحتقارية» للآخر.. إلا أن مقدار ظهور ذلك يُعد من أهم المؤشرات الدالة على طبيعة هذا المجتمع، إذ تحاصر المجتمعات المتقدمة والناهضة حضارياً هذه النزعة، وتحدها وتقيدها بالقانون والعرف وعمليات التثقيف العام «كما هو الحال فى غرب أوروبا، حيث يقاوم العقل الجمعى النزعة الاحتقارية الناجمة عن التمييز العنصرى، مثلاً»، فى الوقت الذى يدل فيه انتشار وتغلغل هذه النزعة على مقدار التدهور والتأهل للتخلف، مثلما هو الحال فى كثير من بلادنا العربية.

أما إذا انفجرت فى النفوس هذه النزعة الاحتقارية وأصبحت هى القاعدة الأساسية التى تحكم العلاقة بين الجماعات فى بلد واحد، فهذا مؤشر على اتجاه هذا البلد نحو السقوط التام والخروج بالكلية من المسار الإنسانى.. لأن ازدياد هذه النزعة يقود إلى توطين العنف وإلغاء المحتقر للمحتقر، مثلما حدث فى «رواندا» بين الهوتو والتوتسى، وحدث فى سوريا عقب الزلزلة الثورية الأخيرة بين داعش وجبهة النصرة، وحدث فى بعض قرى الصعيد بين الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية.. وهذه كلها مؤشرات مرعبة.






رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23-08-2017, 10:33 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

موانع التقدم: تشويش الأذهان بمعيار الإيمان




يوسف زيدان

عندما جاء اليابانيون إلى الإسكندرية لبناء مصنع «الدخيلة» للحديد والصلب، وهو المصنع الكبير الشهير الملحق به «كومباوند» سكنى أنيق فاخر لسكنى العاملين، وابتلعه علانية بعد تشغيله رجل الأعمال المعروف. جمعتنى أيامها جلسة غداء مع بعض المهندسين اليابانيين «والغداء عندهم تطول جلسته، ويتخللها نقاش وتدخين واحتساء للشاى!» سألت أحدهم عن اعتقاده الدينى، فمط شفتيه وز كتفيه ثم هز رأسه نافياً. لم أفهمه، فأعدت عليه السؤال مبسطاً، واستفسرت منه عن إيمانه بيوم البعث والقيامة! فاندهش من سؤالى ونفى علمه بالموضوع، كنت آنذاك فى العشرينيات من عمرى، وبعد سنوات استعدت هذه الذكرى فى جلسة تأمل، فوجدتنى كنت سخيفاً مع الرجل وفضولياً بشكل غير لائق.. ولما زرت كوريا الجنوبية قبل عشر سنوات، وأدهشنى التقدم الذى وصلت إليه البلاد، سألت مرافقى الكورى عن الآثار الموجودة فى عاصمتهم «سول» أو حولها، لأزورها. فقال: لا شىء! فقد تحطمت كل المبانى القائمة على الأرض أثناء الحرب الأهلية الكورية التى وقعت سنة 1950 واستمرت ثلاثة أعوام، أودت خلالها بحياة خمسة ملايين كورى دفاعاً عن القائدين اللذين يقولان: هيا

وينتظران الغنائم فى خيمتين

حريرتين، من الجهتين

يموت الجنود، مراراً

ولا يعلمون إلى الآن

من كان، منتصراً.. «محمود درويش»

سألت مرافقى الكورى عن المعابد القديمة، فقال إن كل الأبنية تحطمت! فاستفسرت منه عن الديانة الأوسع انتشاراً؟، فقال باستهانة: لا يوجد إحصاء دقيق، هناك بوذيون وبعض المسيحيين وغير المتدينين! ثم أردف: هذا الموضوع ليس مهماً هنا.

يا للهول، التدين ليس مهماً! قال: البعض يهتم، لكن الأكثرية لهم اهتمامات أخرى.. كيف، ومثل ماذا؟ قال: أهم شىء هنا، العناية بالجسم «فى كل بناية سكنية كبيرة: ناد صحى».. ورفاهية المعيشة والقلق من كوريا الشمالية.. وحياة الآخرة؟ نظر إلىَّ مندهشاً ولم يجب بشىء.

***

فإذا انتقلنا من الجغرافيا إلى التاريخ، وجدنا الفترات التى شهدت تطوراً حضارياً، تخلو من المماحكات الدينية ومحاسبة الناس لبعضهم البعض بمعيار الإيمان العقائدى.. فى الإسكندرية القديمة «البطلمية» كانت المدينة هى عاصمة الدنيا، ولم يكن العلماء يحظون بالتقدير فى أى مكان فى العالم القديم، إلا إذا كان الواحد منهم قد درس بالإسكندرية. وفى ذاك الزمان، كانت الإسكندرية «عاصمة مصر» تعيش أبهى عصور التسامح الدينى والتعايش بين المتصوفة وجماعة الفيثاغوريين والمؤمنين بآلهة كثيرة مختلفة: مثرا، سيرابيس، إيزيس، دينسيوس، ديمتر، بوسيدون، الأم العظيمة، يهوه... إلخ. وكان يتجاوز فى المدينة أتباع «أبيقور» القائل بالمبادئ الأربعة المعروفة: لا يصح أن نخاف من الآلهة، الموتى لا يشعرون بشىء، الوصول إلى الخير ممكن لكل إنسان، احتمال الشر ممكن لكل إنسان.. مع أتباع المسيحية فى صورتها الأولى المستقاة من «إنجيل المصريين» وغيره من الأناجيل «البشارات» التى تم حظرها فيما بعد وملاحقة المحتفظين بنسخ منها.

ثم تغير الحال فى أواخر القرن الرابع الميلادى وأوائل القرن التالى عليه، خصوصاً بعدما قام الأسقف «ثيؤفيلوس» بهدم معبد السرابيون ومكتبته الهائلة، سنة 391 ميلادية. ثم قام ابن أخته الأسقف «كيرلس» الملقب بعمود الدين، بوضع بيان للإيمان كانوا يسمونه: الأناثيما «اللعنات» بحيث يحكم بالكفر على أى شخص لا يوافق عليه، بل تصب عليه اللعنة لعدم إيمانه بمعيار الإيمان «الأناثيما».. وفى أيامه المدلهمة ***ت «هيباتيا»، أهم وأجمل علماء الزمن القديم، سنة 412 ميلادية، وبقى العالم بعد ذلك خمسة قرون فى ظلام معرفى تام، وتدهور حضارى، وتعصب مفرط بالإيمان الأرثوذكسى «القديم! السلفى».

وفى التاريخ المسيحى أيضاً، سيطرت قوانين الإيمان المذهبى «الكاثوليكى» على أوروبا، خلال القرون المسماة اليوم: العصور المظلمة، فازدهرت قوانين الإيمان، وسطوة الكنيسة، ومحاكم التفتيش، والتخلف الحضارى المريع، والحروب الهزلية المسماة الصليبية، وصكوك الغفران الوهمية.. وامتد الظلام حتى أشرف «عصر العقل»، عصر ديكارت الفيلسوف، وفلاسفة العقد الاجتماعى، والعلماء الذين اجتهدوا فى تطوير المعرفة.

وفى تاريخ الإسلام، كانت الفترة الذهبية الممتدة من زمن الخليفة المأمون وبيت الحكمة فى بغداد، إلى نهايات القرن الخامس الهجرى، حيث الحكام الذين لم يلعبوا بالمعتقد الإيمانى فى الميدان السياسى، أو فعلوا ذلك برفق.. فكان من عطايا زمن التسامح المذهبى هذا، نجوم مسلمة لمعت فى سماء الإنسانية وشموس معرفية من أمثال: أبوبكر الرازى، ابن الهيثم، البيرونى، ابن سينا.. وغير هؤلاء من نوابغ العلماء كثيرون، يخرج عددهم عن الحصر وتتنوع إسهاماتهم العلمية على الطب والطبيعيات والمنطق والرياضيات والفلك، بصرف النظر عن مذاهبهم العقائدية وحالتهم الإيمانية وتوجهاتهم الدينية.. ثم انطوى ذلك الزمان المشرق، مع علو نبرة التعصب المذهبى بين السنة والشيعة، ولعب بهذا المعيار مغامرون وطلاب سلطة وسفاحون من أمثال محمود الغزنوى وصلاح الدين الأيوبى «كلاهما سار فى نفس المسار» وأقاموا دولاً على جثث عشرات الآلاف، بل مئات الآلاف، بدعوى نصرة السنة فى وجه الشيعة! فقاموا بأحقر الأعمال: النهب، الغدر، تدمير المكتبات، مطاردة العلماء وسجنهم و***هم، طمس التراث القديم.. على اعتبار أن كل ذلك يهون فى سبيل إعلاء معيار الإيمان، ورفع راية السنة! فماذا كانت النتيجة؟ مرة أخرى، خفت صوت العلم والمعرفة وبدأ التدهور الحضارى وانهارت قوة الأمة وسقطت هذه الدول بعد جيل واحد من مؤسسيها السفاحين، فاجتاح السلاجقة «الأتراك» دولة الغزنوى التى قامت على الباطل المستتر خلف الإيمان، وفتك المماليك «الأتراك» بالأيوبيين الذى بهرجوا على الناس بدعوى نصرة السنة.. ثم نشب الخلاف بين السنة «الأحناف» والسنة «الشافعية» وتقاتلوا فيما بينهم.

***

وبعيداً عن الجغرافيا والتاريخ، نرى واقعنا المعاصر البائس شاهداً على تدمير الحضارة والإنسان والمعرفة، بدعوى رفع معيار «الإيمان» ورايته الخفاقة التى يزعمون.. ونجد الخلاف العتيد بين المسلمين والمسلمين، السنة والشيعة، وعمق العداء بين السعودية وإيران على اعتبار أن كليهما يزعم أنه يملك المعيار الوحيد للإيمان ويحاسب على أساسه الآخرين «ولا يحاسب نفسه قط، بأى معيار»، ناهيك عن البلايا الواقعة علانية، وعسكرياً، فى اليمن وسوريا وجنوب العراق.

هذا هو الحال «الدولى» التعيس للمسلمين، أما الحال الداخلى الأتعس فى مصر، فهو متنوع ما بين التنازع الواقع، بل المحتدم بين الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية بصدد حق الطلاق! ولا أدرى ما دخل ديانة المحبة بتشريعات الزواج وأحوال الدنيا، مع أن المسيح بشهادة الكنيستين: مملكتى ليست من هذا العالم. وبلغ التعصب المذهبى وادعاء ملكية المعيار الوحيد للإيمان، أن كل كنيسة ترى الكنيسة الأخرى مهرطقة.. ضالة.. ملعونة بمقتضى الأناثيما.

وفى القرى والمحافظات الأكثر تخلفاً والأشد تدهوراً، يثور كل حين عنف عتيد بين فقراء المسلمين وتعساء المسيحيين، لأن هؤلاء فى نظر أولئك لا يؤمنون الإيمان الصحيح. وفى أنحاء البلاد تقع الحوادث الإرهابية بالغة الخسة والحقارة، انطلاقاً من أن معيار الإيمان مختل فى البلاد، وبالتالى فإن أهلها لا يستحقون العيش فى سلام.. هذا طبعاً، قولهم بألسنتهم! أما فى واقع الحال، فكلها وسائل للوصول إلى السلطة بزعم: نصرة دين الله.

وبدلاً من الاهتمام العام بهذا الواقع المزرى الذى يدفعنا نحو المزيد من التدهور الحضارى، ينصرف اهتمامنا جميعاً من الأزهر الشريف إلى سائقى الميكروباصات، إلى القضايا التى تدعم معيار الإيمان: هل المسيحيون مشركون بالله الواحد، هل الحجاب فرض، هل تجوز رضاعة الكبير ليصير من أهل المرضعة، هل يجوز التداوى بشرب ماء الإبل، هل يجب شرعاً *** الشيعة، هل خرجت «تونس» من دائرة الإسلام بسبب قانون الميراث الأخير الذى تم إقراره هناك، هل يجب أن نغمس الذبابة فى المشروب إذا لمسته لأن فى أحد جناحيها الداء وفى الآخر الدواء، هل يستحب نكاح القاصرات مادامت الأنثى منهن تطيق النكاح حتى لو كانت فى الخامسة من عمرها، هل نعيش فى زمن جاهلى؟.. وطبعاً، لا يمكن تجاوز هذه الأسئلة «الكبرى» والمصيرية، أو التقليل من شأنها، لأنها تنطلق من معيار الإيمان. ولأن الإيمان أهم من كل ماعداه، بدليل قول الشاعر: إذا الإيمان ضاع فلا أمانا، ولا دنيا لمن لم يُحيى دينا.

فماذا عن الدول الأوروبية، يا شاعر!

***

نعود من الجغرافيا والتاريخ والواقع المعاصر التعيس، إلى أصل الإشكال ومعنى «الإيمان» الذى صار معياره هو أحد أهم موانع التقدم وعوائق التحضر.. فنجد تعريفاً للإيمان فى الحديث النبوى الشريف، إذ يقول: الإيمان هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل. يعنى بعبارة أخرى: الإيمان سر فى قلب المؤمن. يعنى بعبارة أخيرة: الإيمان مسألة خاصة بالمؤمن الذى لا يمكننا أن نشق صدره لنرى ما فى قلبه.

سيقولون: لماذا تركت النصف الأخير من تعريف الإيمان، المتعلق بالأعمال المصدقة للإيمان؟ نقول: لأن الحساب على الأعمال يكون فى الآخرة لا فى هذه الدنيا، وصاحب الحق فى المحاسبة هو الله سبحانه وليس الأدعياء من الناس الذين يوهمون العامة والجهلاء بأنهم نواب الله فى الأرض، بدليل أنهم يطلقون اللحى مثلما كان يفعل النبى وأصحابه الأخيار.

هل كان أبولهب وأبوجهل يحلقان لحيتيهما، وماذا عن لحية كارل ماركس «لعنه الله بمقتضى قانون الإيمان اليهودى، ومعيار الإيمان المسيحى والإسلامى السنى، والشيعى!».

وسيقول قائل أعقل قليلاً من هؤلاء السابقين: وما المانع فى أن يتحقق معيار الإيمان فى المجتمع، ويتحقق أيضاً التقدم الحضارى؟.. ولهذا القائل نقول: لا يوجد أصلاً معيار للإيمان كى يتحقق وتتحقق معه الحضارة. هناك نصوص عقائدية تزعم أنها الحق الوحيد، ومتعصبون يرفعون من شأنها حتى تصبح عندهم أهم من الدين ذاته. وهناك حقراء من الحكام يلعبون بهذه المعايير الإيمانية المزعومة، وي***ون الناس ويستولون على السلطة بدعوى أنهم حراس الإيمان ومعياره الصحيح.. وبالتالى، فإن سؤالك أصلاً صيغته خاطئة، وأى إجابة عليه لابد أن تكون مثله خاطئة.

وسيقول آخر بلسان السماجة: لا فائدة مما تقول، فنحن شعب متدين بطبعه والدين عندنا أهم من الدنيا! ومثل هذا الشخص، لا يصح أساساً أن نرد عليه أو نكترث لهذا الكلام الساذج، الكاذب، الذى يقوله.. فالانهماك فى الجدل الأجوف حماقة، ومسايرة الساذجين سذاجة.

والله يتولى الجميع برحمته.

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:35 AM.