اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > المواضيع و المعلومات العامة

المواضيع و المعلومات العامة قسم يختص بعرض المقالات والمعلومات المتنوعة في شتّى المجالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-07-2017, 11:20 AM
hebaa esmael hebaa esmael غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2017
المشاركات: 7
معدل تقييم المستوى: 0
hebaa esmael is on a distinguished road
افتراضي

موضوع رائع ومفيد جدا بكل معني الكلمه .. حقيقي برافوو
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-07-2017, 01:43 PM
shimaa elashry shimaa elashry غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2017
العمر: 34
المشاركات: 5
معدل تقييم المستوى: 0
shimaa elashry is on a distinguished road
افتراضي

موضوع رائع سلمت
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-07-2017, 02:17 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hebaa esmael مشاهدة المشاركة
موضوع رائع ومفيد جدا بكل معني الكلمه .. حقيقي برافوو
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shimaa elashry مشاهدة المشاركة
موضوع رائع سلمت

تشرفت بمروركم الكريم

تقبلوا خالص احترامى و تقديرى

جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-07-2017, 02:21 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

موانع التقدم 2: إشهار السيوف ورفع الأسنَّة بحجة نصرة مذهب السنة!



يوسف زيدان

فى معرض الرصد المتأنى للعوائق والموانع التى حالت، وتحول، دون السير فى طريق التقدم والترقى فى مسيرة التحضر، تحدثنا الأسبوع الماضى عن «الجهل والجاهلية»، ونتحدث اليوم عن المذهبية الدينية التى تُعد عند التعصب لها مانعاً عن بلوغ الناس درجة الإنسانية، ناهيك عن كونها عائقاً يمنع البلاد والعباد عن التحضر والتقدم.

والملحدون المعاصرون يخطئون حين يظنون أن «الدين» هو سبب بلاء الناس لأنه يفرِّق بينهم، ويجعل كل فريق منهم يتوهم أنه وحده الذى يملك الحقيقة المطلقة، والآخرون الذين يختلفون عنه دينياً هم: الكفار، المشركون، الهراطقة، المنحرفون.. وغير ذلك من صفات السلب والشجب، التى تعد مقدمة لعمليات الإقصاء ونفى الآخر والتمييز على أساس دينى، ثم تتطور إلى الحروب الدينية وال*** باسم الإله والبطش بالمخالف «الضال» الذى لا يستحق الحياة!.

ومن وجهة نظرى، وقد أكون مخطئاً أو على صواب، فإن هؤلاء الملاحدة الجدد «مخطئون» لأن الدين فى عمومه، أعنى بمفهومه الأساسى والكلى بصرف النظر عن اختلاف أنماطه، هو صلة بين الأرض والسماء وبين الإنسان المحدود والإله اللامتناهى. وهذا فى حد ذاته لا يتضمن بالضرورة الإقصاء، وإنما هو على العكس: اقتراب الفانى من الباقى، واتصال الزمانى بالمطلق، وتسامى الحيوانى إلى الروح الكلى المحتجب خلف المحسوسات.

والأديان على تنوعها واختلافها فيما بينها، لها نمطان أساسيان هما الرسالية والغنوصية «العرفانية»، فالنمط الرسالى يقوم على قاعدة النبوة التى تعنى فى أصلها اللغوى «العربى، العبرى، السريانى» العلو والارتفاع، فكل ما نبا عن الأرض هو ما ارتفع عنها. وتعنى اصطلاحاً اجتباء الله لبعض البشر، ليكونوا رُسلاً يوحى إليهم من السماء: مباشرة مثل كلام الله مع موسى، أو عبر وسيط مثل جبريل عند المسلمين وروح القدوس عند المسيحيين.. والرسالية، هى الصفة المحورية لليهودية والمسيحية والإسلام، وهى الديانات التى يعدها الناس ثلاثة، لكننى أراها ديانة واحدة تعددت تجلياتها، فاختلفت بحسب اختلاف الزمان والمكان، ومن الديانات الرسالية: المزدكية، الديصانية، المانوية، البهائية.. وغيرها.

أما الديانات العرفانية «الغنوصية» فهى نمط مقابل لما سبق ومضاد له، إذ تقوم على القدرة الروحية لبعض الأفراد، حين يتخلصون من سيطرة المحسوسات عليهم، فتشرق على مرايا نفوسهم الحقائق الإلهية بنوع من الإدراك التام المباشر، والمعرفة الكلية «كلمة (غنوص) يونانية الأصل ومعناها: المعرفة المباشرة» ولهذا النمط من الديانات انحياز لفكرة المساواة بين البشر واعتقاد بأن الاصطفاء والاجتباء والانتقاء هى أمور لا تصح من حيث العدل الإلهى فى حق مبدع الوجود الذى خلق البشر سواسية، فكيف له أن يختار منهم للنبوة شخصاً دون آخر. وطريق السماء مفتوح أمام كل إنسان ترقى عن المادية وتخلص من الحسية، فأشرقت عليه الأنوار العلوية لأنه نجح فى تصفية مراة ذاته حتى انعكست عليها المعانى العلوية «الإلهية» وهو ما نراه فى ديانات مثل: البوذية، الزرادشتية، الفيثاغورية.. ومن قبل هذه كلها، الديانة المصرية القديمة «عبادة آمون».

وهناك من يتطرف فى الأمر، فينظر إلى المعتقدات الفلسفية الميتافيزيقية مثل قول أفلاطون بالصانع «المهندس الأعظم» وقول أرسطو بالمحرك الأول للكون، على اعتبار أنها ديانات عقلية.. وهذا لا يجوز، فالدين شرطه الأول هو الإيمان القلبى وليس الدليل العقلى، وحرارة الوجدان وليس صرامة المنطق. والأصح أن نقول عن هذه المعتقدات إنها «فلسفات» لا «أديان» لأن المفهوم الدقيق للدين لا ينطبق عليها.

■ ■ ■

وبصرف النظر عن التصنيفات الأخرى للأديان، انطلاقاً من أنها إما «سماوية أو وثنية، قويمة أو منحرفة، حقة أو باطلة»، وهى تصنيفات فضفاضة لا تصمد أمام النقد والتدقيق. نقول: لم تكن الديانات نفسها أداة تفرقة أو حجة للحرب! فقد تجاورت ديانات كثيرة لفترات زمنية طويلة، فى مصر القديمة والهند وفارس واليونان والإسكندرية البطلمية، ولم تنشب أية خلافات بين أهلها بسبب اختلاف المعتقد.

وفى الديانات غير الرسالية، ليس هناك فرصة للتمذهب أصلاً، بحيث يجوز التعصب لمذهب. فالديانة واحدة وتتجدد دوماً فى مسار واحد مع خبرات ورؤى الزهاد والكهان والروحانيين، دون تعديل للمسار العام للفيثاغورية، أو البوذية أو غيرهما. أما الديانات الرسالية فهى تنوء بالمذاهب، ففى اليهودية هناك: السامرية، اليهودية الأسينية، اليهودية التلمودية، الحسيديون، الفريسيون، القبالة... إلخ، وفى المسيحية: الآريوسية، الأرثوذكسية المصرية، الأرثوذكسية اليونانية، النسطورية الكاثوليكية، البروتستانتية، المورمون، شهود يهوه.. إلخ، وفى الإسلام: الخوارج، الشيعة، أهل السنة! ومن مذاهب الخوارج «إباضية = أباظية، نجدات، أزارقة». ومن المذاهب الشيعية «اثنا عشرية، إسماعيلية، زيود» ولدى أهل السنة مذاهب عقائدية «معتزلة، أشعرية، ماتريدية» ومذاهب فقهية: مالكية، حنبلية، شافعية، حنفية...

ولأن البشر فيهم ميل فطرى للاستعلاء والتفاخر على الآخرين وتمجيد الذات «وبالتالى تحقير الآخر» وكلما ساد فيهم الجهل والجهالة، كان ميلهم هذا أشد. فقد افتخر البعض منهم وتفاخر على الآخرين بأصوله العرقية ونَسَـبه الأسرى ومحل سكناه! فأهل المدن يتعالون على سكان القرى، وهؤلاء يتعالون على سكان النجوع والكفور.. ومن وجوه التفاخر الذى لا يلبث أن يصير تعصباً مقيتاً، الاستعلاء بالمذهب الدينى على غير المعتقدين به.

العلة إذن، والبلاء، ليس فى الأديان وإنما فى التعصب المذهبى داخل الدين الواحد، ولهذا نجد العنف المذهبى أشد ضراوة من العنف الواقع بين ديانتين.. فالديانة الإبراهيمية بمجموعها اليهودى/ المسيحى/ الإسلامى، لم يشن أصحابها حروباً عقائدية على الديانات غير الرسالية، فلم نعرف أنهم أضرموا نيران حرب مقدسة على أتباع عبادة آمون المصرية، أو على البوذية، باسم الرب. لكننا عرفنا تاريخياً عنف أهل المسيحية ضد اليهود، والمذابح التى قاموا بها ضدهم والتى كان من أبشعها تلك الم***ة الهائلة التى امتدت عدة سنين عقب طرد الإمبراطور المسيحى «هرقل» للفرس من مصر والشام، وإعادته قطعة الخشب المسماة «صليب الصلبوت» إلى مدينة إيليا التى كانت تعرف سابقاً وسوف تعرف لاحقاً باسم «بيت المقدس»، وكان ذلك سنة 628 ميلادية، وقد تزامن مع غزوة النبى لبنى قريظة، حيث *** المسلمون من اليهود ما بين ستمائة وثمانمائة شخص فى يوم واحد وحفرة واحدة، بشهادة مؤرخى الإسلام وإقرار علمائه. أما م***ة اليهود آنذاك على يد المسيحيين، فقد راح ضحيتها ما لا حصر لهم من الناس.. يقول القس العلامة «د. ألفريد بتلر» فى كتابه القيم «فتح العرب لمصر» صفحة 100 وما بعدها، ما نصه:

جاء ذكر العداوة الفظيعة التى يحملها اليهود للمسيحيين فى كتاب «قيدرينوس» وهو يروى أن فى السنة الأخيرة من حكم فوكاس «الإمبراطور الذى خلعه هرقل وجلس على عرشه» أوقع اليهود بالمسيحيين فى أنطاكية، فأرسل إليهم فوكاس قائده «بونوسوس» فأنزل بهم انتقاماً وبيلاً تحدوه قسوة تقشعر من وصفها الأبدان.. وهناك براهين أخرى على أن كراهة اليهود للمسيحيين لا هوادة فيها. وما هى إلا شهور قليلة بعد ذلك، حتى وثب المسيحيون على الفرس ف***وا قادتهم وملكوا الأمر وأغلقوا أبواب المدينة «بيت هميقداش، إيليا، بيت المقدس» فجاء الفرس وساعدهم اليهود على هدم الأسوار، وأعقب ذلك مشاهد مروعة من التقتيل والنهب والتدمير، فكان عدد ال***ى سبعة وخمسين ألفاً «وقيل تسعين ألف شخص» من بينهم آلاف الرهبان والقديسين والراهبات.. واشترى اليهود كثيراً من الأسرى المسيحيين ليمتعوا أنفسهم بتقتيلهم!.

ويقول فى صفحة 170 وما بعدها: استجاب هرقل إلى رغبة المسيحيين فى الانتقام من اليهود، فوقعت فى اليهود م***ة تشبه أن تكون عامة «فى جميع أنحاء الأرض» حتى لم يبق منهم أحد فى دولة الروم ومصر والشام، إلا من هرب واختفى.

.. ومن المعروف تاريخياً، أنه بعد م***ة اليهود على يد عموم المسيحيين «أبناء الرب الداعى للمحبة» جرت م***ة عظيمة فى مصر بسبب تعصب الأرثوذكس المصريين لمذهبهم، وعدم موافقتهم على المذهب الجديد الذى جاء به «قيرس» المعروف بالعربية باسم «المقوقس» وهو واحد من أحقر الشخصيات فى التاريخ، أيضاً، إذ *** من المسيحيين المصريين باسم المسيحية ثمانية عشر ألف شخص فى الإسكندرية وحدها، حسبما ذكرت المصادر التاريخية المسيحية.. ناهيك عن ***اه فى عموم النواحى المصرية، وهى المأساة التى لم يتخلص منها «الأقباط» إلا بمجىء عمرو بن العاص، اللاعب السياسى البديع.

وما بين المسلمين بعامة وعموم المسيحيين، جرت الحروب المعروفة لدى العوام والخواص باسم الحروب الصليبية «مع أن (الصليب) مظلوم فيها)» وقد امتدت عدة قرون، حتى استطاع المملوك الحاكم «العاقل» المنصور قلاوون وأبناؤه تحرير البلاد من حكم ملوك أوروبا واسترداد بيت المقدس.. وخلال تلك الحرب الطويلة، كان الصليبيون ينظرون إلى «الأقباط» باعتبارهم أعداء الصليب! وكان بعض الشيعة يتحالف مع الصليبيين ضد المسلمين.. بسبب اختلاف المذهب.

■ ■ ■

وبسبب اختلاف المذاهب والتعصب لها، *** المسيحيون الكاثوليك مئات الآلاف من المسيحيين البروتستانت. و*** المسلمون السنة من المسلمين الشيعة الملايين! نعم، مات الملايين من المسلمين فى الحروب الإسلامية/ الإسلامية التى ابتدأت منذ فجر الإسلام فى موقعة «صفين» بين الإمام على بن أبى طالب، ومعاوية، الذى يقول أهل السنة: رضى الله عنه! باعتباره مؤسس دولة الإسلام السنى، وهى التى أطاحت بها دولة الإسلام السنى «العباسية»، وأسرفت فى *** الأمويين والشيعة معاً.

وما لبث شعار «نصرة مذهب السنة» أن صار راية يرفعها حقراء الحكام الطامحين إلى توسيع رقعة ملكهم، وهو ما فعله محمود بن سبكتكين الغزنوى الذى يعده بعضنا بطلاً وأراه واحداً من أحقر الشخصيات فى التاريخ، إذ *** فى سبيل عرشه عشرات الآلاف من المسلمين، ومئات الآلاف من الهندوس، وأعدم الشيعة والمعتزلة بلا هوادة، وكاد ي*** العلامة نادر المثال: أبوالريحان البيرونى «أحد أعظم الشخصيات فى التاريخ» ثم اكتفى باعتقاله بقلعة «غزنين» بعد وساطة «أبى نصر مشكان» ثم أطلقه واستعمله وأخذه معه فى حروبه التخريبية ببلاد الهند، حيث *** فى يوم واحد خمسين ألف شخص هندوسى، ***اً، لأنهم حاولوا الحيلولة بين الغزنوى الذى كان يفتخر بأنه حامل لواء السنة ومحطم الأصنام! وبين هدمه لأكبر نصب مقدس فى الهند «سونمات».. ***هم الحقير وهدم المعبد الهندوسى وحطم صنم سونمات. والآن، يستغرب المعاصرون من كراهية الهندوس للمسلمين. والآن، ينتطع بعض الذين يظنون أنفسهم باحثين ومؤرخين ومفكرين، فيقولون إن فظائع الغزنوى ومذابحه كانت بسبب طبيعة العصر الذى عاش فيه.. ويتجاهلون أن هذا العصر، ذاته، هو الذى أهدى للإنسانية جمعاء: عمر الخيام «عبقرى الرياضيات» والبيرونى «عبقرى الطبيعيات» وابن سينا «عبقرى الطب والفلسفة» وكان ثلاثتهم متعاصرين ومعاصرين لمحمود الغزنوى.

وفى عصر تالٍ، بعد قرابة قرن ونصف من الزمان، وفى الجهة الأخرى من العالم الإسلامى، سوف يسير صلاح الدين الأيوبى على درب محمود الغزنوى، فيرفع راية «نصرة مذهب السنة» مع أنه كان انكشارياً شركسياً سكيراً، ويعطى لنفسه لأول مرة فى التاريخ لقب «خادم الحرمين الشريفين» مع أنه لم يحج قط! في*** وي*** وينهب ويفتك بالشيعة وبالسنة وبالأكراد «المسلمين السنة» ولا يرتدع إلا من تهديد الإسماعيلية الذين ارتعب من قائدهم «شيخ الجبل» فهرب من وجهه.. ولن أتوقف بأكثر من ذلك عند هذا الرجل، لأن وجهة نظرى فيه معروفة.

وفى عصر تالٍ، فى القرنين الثامن والتاسع الهجريين، بالشام، تندلع نيران التعصب المذهبى بين السنة «الأحناف» والسنة «الشافعية» فتقع بين القرى وقائع القتال، ويحرم الزواج بين الشافعية والأحناف. مع أن كليهما مسلمون، والزواج فى الإسلام مباح بين المسلم والمسيحية واليهودية التى تعجبه «العكس غير مسموح به»..

وفى عصرنا الحالى، وبسبب الصراع على السلطة والسيادة فى المنطقة بين إيران والسعودية، تنشب حرب اليمن تحت زعم نصرة مذهب السنة «تانى» فينتشر الخراب وتتفشى الكوليرا فى ربوع اليمن التعيس «السعيد» لأن مذهب السنة، فيما يزعمون، يحتاج من ينصره! ولن أطيل أيضاً فى هذه النقطة الواضحة الفاضحة، تحاشياً لإحراج الذين يجب عليهم الحرج.. وسوف أكتفى هنا بإشارة ختامية. أسوقها على جهة الإلماح لا التفصيل: عندما كنا على طريق التقدم والنهضة الحضارية، ظهر فى بلادنا التسامح المذهبى ونشطت محاولات الجمع والتقريب بين السنة والشيعة.. واليوم اختفت هذه المحاولات، بل صارت تلاحقها الاتهامات!.

■ ■ ■

وهكذا كانت «الحرب» التى هى قرين الدمار والتخريب وال***، تقع تحت هذا الزعم العريض السلطوى فى جوهره، العقائدى فى شعاراته: نصرة السنة.. فتكون المهالك والمذابح ليس باسم الإنسانية، ولا باسم الدين، وإنما باسم المذهب الذى يؤدى التعصب له والاحتقان بحجته، إلى قطع الطريق على التقدم والتحضر والإبداع. فالحرب كما قال الشاعر البديع «زهير» لا تأتى أبداً بخير، فمتى تبعثوها تبعثوها ذميمة، وتضرم، فتولد لكم أطفال أشأم كلهم.

اللهم ارحمنا برحمتك من المتاجرين بالدين، ومن الحقراء المتقاتلين تحت حجة: رفع راية المذهب العقائدى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-08-2017, 11:38 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

موانع التقدم: اعتقاد اللاجدوى



يوسف زيدان

لم أستطع الأسبوع الماضى كتابة مقالة يوم الأربعاء هذه، لسببين، الأول منهما استغراقى التام مع الشيخ الرئيس «ابن سينا» وانغماسى فى تفاصيل روايتى القادمة التى تدور حول فترة اعتقاله، وقد عز علىَّ الانسلاخ عن ذلك فلم أستطعه.. والسبب الآخر، وربما الأهم، ملاحظتى أن موضوع هذه السلسلة من المقالات «موانع التقدم وعوائق التحضر» لا صدى له فى بلادنا، فأهل مصر مشغولو البال بالغلاء والارتفاع المتسارع للأسعار، وبالعجيب من الأمور التى تطفر بسرعة وبسرعة تختفى كأنها لم تكن: ياللهول، مدرسة جامعية ترقص فى بيتها! يا للهول، الممثلة المعروفة انكشف زر ثديها الأيمن! يا للهول، ابنة حارس عمارة تفوقت فى امتحان الثانوية العامة! ومن مثل ذلك كثير. والمصريون وعموم العرب منهمكون فى متابعة المآسى والمهازل العربية التى يدل مجموعها على أن معظم البلاد العربية تعانى الأمرين، وبعضها مهدد بالانقراض والتقسيم والزوال.

وبالتالى، رأيت أن موضوع هذه المقالات لا يتناسب إطلاقاً مع المُناخ والمَناخ العام «الكلمة الأولى بضم الميم تعنى الطقس والجو العام، والأخرى بالفتح وتعنى: موضع قعود الإبل»، وليس من المنطقى أن يهتم الناس والحال كذلك، بمسألة التقدم وموانعه أو التحضر والعوائق التى تحول دون حدوثه.. بعبارة أخرى: رأيت أنه لا جدوى من طرح موضوع كهذا، لا يلتفت إليه معظم الناس الذين أكتب لهم، وهذه «اللاجدوى» تمنع الرغبة فى الكلام عن مواقع الارتقاء والتقدم، وقد تمنع عن أى كلام من أى نوع.

وقد ظهر لى بعد قليل من النظر فى أحوالنا العامة منذ منتصف القرن الماضى، وتحديداً خلال الستين عاماً المنصرمة، أن الشعور باللاجدوى كان من أهم عوامل التثبيط العام الذى أدى للتدهور الشديد فى بلادنا.. وتذكرت الواقعة التالية التى حدثت عام 1998 أثناء معرض أبوظبى للكتاب:

كان من ضيوف المعرض مجموعة كبيرة من الكتاب والمثقفين العرب، وخصوصاً المصريين، فبدا للأمين العام للمجمع الثقافى آنذاك «الشاعر محمد السويدى» أن يصور حلقات تليفزيونية ذات طابع توثيقى، مع الضيوف الحاضرين. واستقدم لذلك مقدمة البرامج التليفزيونية، الكويتية «أمل العبدالله» وعقدت معى لقاءً امتد قرابة ساعتين.. فى اليوم التالى، جاءنى فى الفندق الصديق محمود خضر الذى كان المستشار القانونى للمجمع الثقافى، ليقول لى إن المثقف المصرى الكبير د. ثروت عكاشة «الفارس النبيل» رفض إجراء المقابلة، ولما ألحوا عليه قال إنه سيوافق فقط فى حالة واحدة، هى أن أقوم بمحاورته! اندهشت من الكلام وأكبرته، وكانت تربطنى بالدكتور ثروت عكاشة صلة مودة مع اختلاف المقام وميل الكفة طبعاً لصالحه، فهو المفكر والفنان ووزير الثقافة القديم، والكاتب الذى أثرى فكرنا المعاصر بكتبه المشهورة عن فنون: عصر النهضة «الرنيسانس»، الباروك، الركوكو، فن الواسطى، الفن الإغريقى، الفن الرومانى، ترجمة كتاب أوفيد: مسخ الكائنات «ميتامورفوزوس».. وغيرها من الكتب القيمة، ناهيك عن دوره المشهود فى حشد التأييد الدولى لمشروع «إنقاذ معبد أبوسمبل» الذى أقنع به اليونسكو آنذاك، ولولا ذلك لكان المعبد قد اندفن تحت ماء بحيرة «الناصر» خلف السد العالى، مع ما لا حصر له من الآثار التى انطمرت تحت الطين بقاع البحيرة.. «لماذا لم يعودوا بالسد جنوباً، أو يجدوا حلاً هندسياً لاحتجاز الماء بعيدا عن أرض النوب المليئة بالآثار المكتشفة آنذاك وغير المكتشفة! ما علينا».

تحرجت من رفض طلب د. ثروت عكاشة، وأجريت معه المقابلة التليفزيونية.. فجاء يومها إلى الاستديو بكامل أناقته المعهودة، مع أنه كان قد اقترب من سن الثمانين «ولد ثروت عكاشة سنة 1921 وتوفى بعد عمر مديد سنة 2012» وقبل تصوير الحلقة تعهدت له بما طلبه منى: ألا نتحدث عن الرئيس جمال عبدالناصر من قريب أو بعيد.. وبدأنا بالكلام عن تراسل الحواس فى عنوان مجموعة مجلداته الفنية البديعة، العين تسمع والأذن ترى.

وجرى بيننا نهر الكلام متدفقاً حتى قلت له إن معظم أصدقائى المقربين يكبروننى سناً بخمسة عشر عاماً أو يزيد، وبالتالى فقد فاتنى زمانهم المسمى «الستينيات» بحكم فارق السن، لكننى لاحظت أنهم جميعاً تم اعتقالهم سياسياً فى الفترة التى كان يشغل فيها منصب وزير الثقافة! وذكرت له بعض الأسماء: جمال الغيطانى، سامى خشبة، محمود أمين العالم.. فما تفسير ذلك؟ فأجابنى بعد لحظة صمت، إجابة لم أتوقعها. قال:

عرفت باختيارى وزيراً للثقافة من الجرائد المصرية التى كانت تصل إلى «باريس» حيث يعيش آنذاك، فى اليوم التالى، فاتصلت بمصر تليفونياً فقيل لى: تعال فوراً على أول طائرة.. فجاء، وطلب أن نستعين فى وزارته بالدكتور «لويس عوض» الذى كان وقتها قد استقر بسوريا وطاب له المقام هناك. وافقوا على طلبه فألح على «لويس عوض» حتى ارتضى وكف عن تمنعه وجاء إلى مصر للعمل معه بالوزارة. وبعد فترة أيقظوه من نومه فجراً ليخبروه بأن «لويس عوض» تم اعتقاله وأهله فى حالة جزع عليه وهلع.. قال: ارتديت على عجل ملابسى وذهبت إلى وزارة الداخلية فوصلت إليها قبل وصول وزير الداخلية بنصف ساعة «أظنه قال: انتظرته فى غرفة مدير مكتبه حتى وصل» فلما رآه قادماً قام ودخل معه المكتب وقبل أن يجلسا قال الوزير للوزير إن «لويس عوض» اعتقل، فرد عليه وزير الداخلية بعبارة حاسمة: الريس «يقصد جمال عبدالناصر» قال «محدش يتكلم فى الموضوع ده أبداً».

قال لى د. ثروت عكاشة، بالحرف: يومها خرجت من وزارة الداخلية وأثناء نزولى السلم العريض شعرت بالمهانة الشديدة وباللاجدوى.. كان ذلك سنة 1959 وبقى بعدها «لويس عوض» معتقلاً لمدة عامين.

■ ■ ■

اللاجدوى، شعور طاحن يعوق العوام من الناس والخواص، عن العمل والإبداع ومواصلة العطاء، وبالتالى فهو مانع رئيسى من موانع التقدم وعائق أساسى من عوائق التطوير والتحضر.. وقد استقر فى نفوس مفكرى مصر وعلمائها ومثقفيها، منذ منتصف الخمسينيات، أنه لا جدوى من أى جهد حضارى فى زمن تكتظ فيه المعتقلات بأصحاب الرأى، ويهيمن على الحكم فيه ضباط صغار السن جداً، وأحرار جداً، ومتهورون جداً.. وأيامها بدأ الهجاج المصرى إلى الخارج، لمن استطاع إليه سبيلاً. فكثير من أصحاب العقول النيرة هربوا من النير والظلم إلى أوروبا واستقروا فيها بلا نية فى العودة. وما لا حصر لهم من القادرين على العطاء اضطروا للذهاب إلى العمل بالبلاد الخليجية، ولم يجدوا سبيلاً للعودة أو عادوا بأرواح وأجنحة متكسرة، ونسوا ما كانوا يحلمون به من التحليق بمصر إلى سماء العالم المتقدم. وعديد من المبدعين انزوى ومال إلى الظل وقد أيقن أن كل عمل إبداعى وجهد فكرى أو فنى، مهدد بالاستهانة ومآله إلى عدم الجدوى.. هل نذكر أسماء بعض الأعلام الذين تنوعت مصائرهم بين ما ذكرته؟ حسناً، من الذين هجوا إلى الغرب استنقاذاً لأنفسهم، أساتذة كبار مثل عبدالحميد صبرة ورشدى راشد. ومن الذين ذهبوا إلى الخليج ولم يستطيعوا العودة أو عادوا وكأنهم لم يعودوا: عبدالرحمن بدوى «المتوفى فى باريس» على سامى النشار «المتوفى فى المغرب، فيما أظن».. ومن الذين انزووا: طه حسين، محمد ثابت الفندى.

هؤلاء جميعاً ينتمون إلى مجال تخصص واحد، هو الفلسفة! فما بالك ببقية التخصصات وبقية الذين كانوا فى غير ذلك من المجالات، كانوا ثم بانوا.. «بان، فى فصيح اللغة لا تعنى الظهور حسبما يظن العوام، وإنما تعنى: الابتعاد».

وأعتقد جازماً، ولا أظننى مخطئاً، أن النهضة والتقدم والرقى الحضارى والارتقاء بالمجتمعات، هى مهام لا تقوم بها «الجماهير» وإنما هى مهمة ملقاة على عاتق الصفوة من المفكرين والمبدعين والرواد فى الميادين والمجالات المختلفة، وهؤلاء بطبيعة الحال قلة معدودة. أما «الجماهير» التى يراهن عليها ويستعملها ويتودد إليها كل جبار عتيد من الحكام ذوى النزعة التسلطية والميول الديكتاتورية.. هذه الجماهير بطبعها العام ولكونها مؤلفة من متوسطى العقول، والمتخلفين «وهم الأكثرية» لا تصنع حضارة ولا تقود مجتمعاتها إلى التقدم. فهى تحب الخرافات المريحة، والشعارات الطنانة، والمتدنى من متطلبات الحياة، ولا انشغال عندهم بإبداع راقٍ أو فكر مستنير أو رؤى إنسانية متقدمة.. وهم بمنأى عن ذلك الشعور باللاجدوى.

وقد دلت تجارب الأمم وخبرات البشرية، على أن عمليات التحضر والتحولات الكبرى فى المجتمعات التى تطورت وتتالت متعاقبة زمناً فصنعت «تراث الإنسانية» كانت نتاجاً لجهود أفراد معدودين، وليس جمهور العوام.. الفلسفة والعلم اليونانى القديم منذ النشأة على يد «طاليس» حتى فاجعة النهاية يوم م*** «هيباتيا» لا يكاد يضم من الأسماء أكثر من عشرين إلى ثلاثين اسماً، أهمهم: فيثاغورس، أبقراط، أفلاطون، أرسطو، أفلوطين، كلوديوس بطليموس، جالينوس، أريستارخوس.. وثلة من الأثينيين والإسكندرانيين. وتراثنا العربى الذى أضاء العالم زمناً ثم خبا، لم يصنعه عوام الناس والجمهور العريض وإنما أفراد من أمثال: الكندى، الفارابى، الرازى «أبوبكر محمد بن زكريا» البيرونى، ابن سينا، عمر الخيام «عالم الرياضيات الذى نُسبت له الرباعيات زوراً، فصار اسماً للملاهى الليلية!» وابن النفيس.. وجماعة لا يزيد عددها على العشرين أو الثلاثين.

وكذلك الحال فى عصر النهضة الأوروبية، وفى الزمن الحالى، وسيكون الحال كذلك مستقبلاً.. مادام صناع الحضارة لا يحوطهم ويحتاط على جهدهم الإبداعى، ذاك الشعور باللاجدوى.

■ ■ ■

قادنى كل ما سبق، إلى إمعان النظر فى معنى «الجدوى» وسر الفائدة التى تعود على المشتغل والمنشغل بالإبداع والكتابة والعمل المعرفى.. هل هى جدوى فردية وفائدة شخصية، أم هى عطاءً غير مشروط؟ بعبارة أخرى: هل كان صانعو الحضارة ومحركو المجتمعات يستهدفون خيرهم الشخصى أم يأملون فى صياغة واقع أفضل قد لا يرونه.. وهنا، تذكرت عبارة أن النفيس «رئيس أطباء مصر والشام، المتوفى سنة 687 هجرية» حيث يقول واثقاً: لو لم أعلم أن تصانيفى تبقى بعدى عشرة آلاف سنة، ما كتبتها!

وطبعاً، ما كان ابن النفيس يتوهم أنه سيعيش مثل كتبه، فيمتد به العمر عشرة آلاف سنة، يعنى أنه كان مؤقناً بأن إنتاجه المعرفى «الذى أرى أن اكتشافه للدورة الدموية، هو مجرد واحد من إسهاماته العلمية المبهرة» سيبقى طويلاً بعد وفاته، وبالتالى فإن جدواه لا تتوقف على وقت المؤلف وفترة حياته، وإنما هى مرتبطة بالمطلق المعبر عنه مجازاً بعشرة آلاف سنة.. فماذا لو عرفنا أن ابن النفيس عاش زمناً مريعاً لا تقل بشاعته عن زماننا المعاصر، وقد تزيد. فقد ولد سنة 607 هجرية قرب دمشق، وجاء إلى مصر وهو فى حدود العشرين من عمره وبقى بها حتى وفاته سنة 687 هجرية، مما يعنى أنه عاصر: المجاعات الفتاكة التى أكل فيها المصريون الكلاب والقطط والجثث البشرية، سيطرة الصليبيين على سواحل الشام وفلسطين وحصولهم على القدس كهدية من الملك الكامل، اغتيالات المماليك بعضهم البعض وفوضى النظام السياسى: أقطاى وقلاوون وبيبرس ي***ون تورانشاه، شجرة الدر ت*** عزالدين أيبك، مماليك أيبك وأرملته ي***ون شجرة الدر، هجوم المغول، بيبرس ي*** قطز ويحكم مكانه وفقاً للقاعدة الأيوبية المملوكية «الحكم لمن غلب».. التى تعنى فى الواقع: الحكم لمن غدر وخان وسفك الدماء.

بل الأكثر مما سبق، أن ابن النفيس بحكم عمله رئيساً للأطباء، كان هو الطبيب الخاص لبيبرس أثناء حكمه لمصر، وقد حكى ابن النفيس بشكل غير مباشر عن صفات هذا الحاكم فى الجزء الأخير من كتابه «فاضل بن ناطق» الذى عارض فيه قصة «حى بن يقظان» لابن سينا، فقال ابن النفيس عن بيبرس أشياء كثيرة، منها أنه كان أحمر الشعر، وذو عيب فى عينيه، ويتفزع فى نومه ويستهين بسفك الدماء وعنيف جداً يثور لأتفه الأسباب! فكيف كانت حياة ابن النفيس، الهادئ الوديع المتواضع، مع حاكم كهذا؟

ومع ذلك كله، أبدع ابن النفيس وكتب فى الطب وأصول علم الحديث النبوى واللغة والأدب، من دون أن يربط جهده بالجدوى العائدة على شخصه.. بعبارة أخرى، كان يكتب للزمن الآتى والأجيال القادمة وللإنسانية على إطلاقها، وتلك هى «جدوى» الإبداع عنده.

ولم ينفرد ابن النفيس بهذه الروح العلمية ذات الطابع الإنسانى، فهو على الأقل لم يضطهد ويعتقل مثلما حدث مع البيرونى وابن سينا! البيرونى اعتقله محمود الغزنوى فى قلعة «غزنين» ستة أشهر، ثم استعان به لمعرفته الواسعة وأخذه معه فى حروبه القذرة مع الهنود «وهذا حديث ذو شجون، ويفسر كثيراً مما يجرى إلى اليوم من أنهار الكراهية بين الهندوس والمسلمين» وبعد خروجه من المعتقل، عاد أبوالريحان البيرونى للتأليف والإبداع العلمى، فكتب لنا «الآثار الباقية عن القرون الخالية» و«الجماهر فى معرفة الجواهر» وقاس محيط الكرة الأرضية بدقة عالية.. يعنى، كان مفهومه للجدوى غير مرتبط بشخصه أو زمنه.

وكذلك كان حال ابن سينا الذى أبدع المؤلفات التى أثرت تراث الإنسانية، قبل اعتقاله وأثناء اعتقاله وبعد اعتقاله! مما يدل على أنه مثل سابقيه ولاحقيه من علمائنا ومبدعينا، قاوم شعوره باللاجدوى وجعل مفهوم «الجدوى» غير شخصى، وغير محدود بمدة حياته.. وهؤلاء يا قوم، إن كنتم تعقلون، هم أبطالنا الحقيقيون الذين يحق لنا أن نفخر بهم، بدلاً من هؤلاء السفاحين وسفاكى الدماء من أجل الحكم، فتدبروا!

■ ■ ■

وهكذا، عدتُ للكتابة واستكمال هذه السلسلة من المقالات، وسأظل أكتب حتى لو قلّ القراء وانصرف معظم الناس إلى تلك التوافه التى ذكرتها فى بداية هذه المقالة.

وبالله التوفيق.


آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 02-08-2017 الساعة 12:05 PM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-08-2017, 12:00 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

موانع التقدم: وهم الواحدية

يوسف زيدان

من أشهر العادات الشعبية المصرية وأكثرها مرحاً، الاحتفال بمرور أسبوع على المولود بإقامة جلسة الابتهاج المسائية المرحة التى نسميها «السبوع»، وقد شهدها معظمنا سواءً بالحضور أو فى الأفلام القديمة، أيام كانت صناعة السينما فى مصر رشيدة وغير مبتذلة مثلما صارت مؤخراً.. وهذا الاحتفال اللطيف يرتبط بعدة عناصر وأمور موروثة من الأزمنة القديمة، منها: الابتهاج ببقاء المولود حياً إذ كان الواقع القديم يشهد وفيات المواليد بكثرة نظراً لنقص الوعى والرعاية الطبية.. ومنها أيضاً: مرور أيام تكفى لاستعادة الأم الوالدة عافيتها من بعد وهن الولادة، والاعتياد العمومى لأمر يصير بحكم دوام تكراره بديهياً لا يحتاج لأى تبرير، ومكانة الرقم «سبعة» فى نفوس الناس منذ الزمن المصرى واليونانى القديم. وقد اهتممت هنا بذكر هذه العناصر والعوامل التى تآزرت وتساندت من أجل إبراز ظاهرة اجتماعية بسيطة، لأننا سنعود بعد قليل للكلام عن تآزر العناصر وتساندها من أجل إيجاد الظواهر الاجتماعية، بل والوقائع الفردية أيضاً.. كما سنرى لاحقاً.

ومن طقوس الاحتفال بالسبوع، مع توزيع الحلوى والحمص على الحاضرين ومشروب «المغات» المشهور، المغذى: علو الضحك وبلوغ المرح غايته مع الدقات الرنانة بالهاون النحاسى، حيث تصخب قريبات الأم بقولهن للمولود الذى لا يسمع بعد ولا يعى أصلاً ما يقال: اسمع كلام أمك! فترد قريبات الأب: اسمع كلام أبوك.. وتتوالى العبارتان ممزوجتين بجو من المرح والبهجة، من دون اكتراث أو التفات إلى أن ذلك ينطوى ضمناً على اعتقاد راسخ بأن الإنسان يجب أن يسمع كلام «واحد» بعينه، بس. بالمناسبة كلمة «بس» فصيحة وليست عامية كما يتوهم كثيرون!.

كنت فى العاشرة من عمرى، أو أقل قليلاً، عندما حضرت احتفالاً من هذا النوع «السبوع» وتجرأت على أمر فكان ما لم تحمد عقباه. فمع أننى كنت خجولاً بطبعى، إلا أننى لا أدرى ما الذى دهانى فدعانى لاقتحام حلقة التنافس الصاخب بين «اسمع كلام أمك، اسمع كلام أبوك» وصحت: اسمع كلام أمك وأبوك! سكتت دقات الهاون، وقبل أن يغمرنى الخجل ويطردنى من الجمع القهر، قلت: اسمع كلامهم هم الاتنين! فزعقت فىَّ إحدى الحاضرات «كان اسمها (ظريفة) وهى امرأة بيضاء، كنت أراها آنذاك ضخمة جداً وعبلة البلدن» قائلة:

- بس يا ولد، وامشى من هنا..

- أنا عايز أقعد معاكم

- لأ، هنا ستات وبنات، إنت كبرت خلاص.

انصعت لأمرها وخرجت صاغراً من غرفة الاحتفال، يعتصرنى ألم شديد وتحوطنى الحيرة والسؤال: لماذا لا يسمع المولود حين يكبر كلام أمه وأبيه، كليهما.. وبكيت بعيداً عن الأنظار فى مكان خال من الناس، خشية أن ترانى عمتى «الصعيدية جداً» التى كانت قد قالت لى سابقاً، محذرة، إنه لا يجوز أن يبكى الرجال.. فالبكاء للنساء، فقط! ومرت الأيام، ولاحظت مثلما لاحظ جميع المصريين أو معظمهم، أن الولد اليافع إذا فعل شيئاً محموداً قيل له على سبيل المدح إنه: ابن أبيه.. وفى المقابل، يقال لمن كان ضعيف الشخصية وخانعا بالطبع إنه «ابن أمه» وهو أمر لم أفهم مجازه لحداثة سنى، ولذلك كنت آنذاك أندهش منه ليقينى بأن كل إنسان هو ابن أبيه وأمه، معاً.

ثم توالت عمليات التنشئة الاجتماعية فى ثقافتنا المعاصرة، مؤكدة على «الواحدية» عبر تقنيات غير مباشرة، ومؤثرة، منها مفهوم الكتاب الدراسى «المقرر» الذى لا يحق لأحد أن يسأل أو يستفسر عن السبب فى أن اللفظة مبنية للمجهول، فهو مقرر بصرف النظر عمن قرره. ثم تطور الأمر فلم يعد «المقرر» هو الكتاب المدرسى فحسب، فحتى الجامعة صار فيها: الكتاب المقرر، المدعوم سعره! مع أن هذا يخالف الأساس المعرفى المفتوح، الواجب وجوده فى التعليم الجامعى.

وفى المجال السياسى، انعدم اللاعبون واختفت الأسماء الكبيرة من المشهد عقب حركة الضباط الأحرار جداً، فصار هناك الحاكم الأوحد الذى لا يدانيه أحد فى المكانة، ولا يحلم أحد بمزاحمته أو إزاحته.. فهو واحد بل أوحد، حتى يموت «خالد الذكر» أو ي*** غيلة «السادات» أو يُخلع عنوة بعدما تثور عليه الجماهير مدعومة برغبة المجلس العسكرى «مبارك».. فتحدث كل مرة هزة عنيفة، لأن الواحد منهم كان منفرداً، وحيداً، متوحداً بالسلطة متأبداً على كرسيه.. وليس هناك أى تفكير فى تداول السلطة، وكيف يتم تداولها والحاكم واحد ولا أحد يطاوله أو يقاربه أو يحل محله وهو حى، إلا بثورة قد تقود إلى فوضى قد تؤدى إلى الدمار التام.

ثم يدعم رجال الدين هذه «الواحدية» السياسية، لتتأكد فى النفوس وترسخ، بعد عمليات التنشئة الاجتماعية المؤكدة لها والمرسخة.. فيطرحون الحديث العجيب القائل: الحاكم ظل الإله فى الأرض! ومادام هو ظل الله الواحد، فلابد أن يكون شخصاً واحداً، لأن الله له ظل واحد. وحين حاول الصوفية الكبار الأوائل، الخروج من هذا المأزق بقولهم إن تجليات الله متعددة ولا تنقطع، تم اضطهادهم وتهميش كلامهم لصالح رؤى عقائدية فى أصول الدين، منها: جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل! وجوب الطاعة للمتغلب بالسيف! السمع والطاعة ولو لعبد حبشى!.. وهكذا تم تحريك دلالة «الإمامة» لتجمع بين أمور الدين وشؤون الدنيا، وتصير بنوع من المراوغة الخادعة مؤكدة لواحدية الحاكم ومبررة لانفراده بالرأى والرؤية، بل مهددة للمخالف وممهدة لقبول قول الحاكم، وما كان يقال للمولود فى يومه السابع: تن، تن، تن، اسمع كلام أمك، اسمع كلام أبوك، اسمعوا كلامى أنا بس.. إلزم حدود الأدب.. مش عاوز حد يتكلم تانى فى الموضوع ده.. لا صوت يعلو فوق صوت المعركة... إلخ.

هذا على صعيد الواقع السياسى، حيث الحاكم الواحد والكلام الواحد والقرار الواحد.. وعلى صعيد الفكر الدينى الذى يطمح الحالمون اليوم إلى تطوير رؤاه ومنطلقاته، تم تحريك دلالات المفردات كى تتطابق أو تختلط مفاهيم: الوحدة، التوحيد، الواحدية، الأحدية.. وقبل كل شىء، لابد هنا من تبيين أن «الأحدية» هى الصفة الإلهية التى لا تشترك بين البشر والإله، ويلحق بها بنص القرآن الكريم صفة «الصمدية» وما عداهما فإن معظم الصفات مشتركة، حتى صفة «الربوبية» التى يجوز إطلاقها على الناس، كما فى قولنا: ربة البيت، رب العمل.. وكذلك الحال فى الرحمة والقهر والكرم والبطش والعفو، إلخ، فهذه كلها يمكن وصف البشر بها. بل يمكن وصف الإنسان بالصفات السبع الذاتية لله، عند الأشاعرة: الحياة، العلم، السمع، البصر، الكلام، الإرادة، القدرة.

وبنوع من المخايلة اللفظية والمغالطة المنطقية، يجرى دمج معانى الأحدية والواحدية والتوحيد والوحدة، ويتم إعلاء شعار «الإسلام دين التوحيد» وهو ما يتضمن الإشارة إلى أن غيره من الأديان ليس توحيدياً، ومن هنا تكون «الإزاحة» كمقدمة للإدانة، فتكون العقيدة الأرثوذكسية مثلاً هى عقيدة وتثليث، مع أن الشعار الأرثوذكسى «لاهوته لم يفارق ناسوته ولا طرفة عين» يشير إلى الوحدة والتوحيد بين اللاهوت والناسوت! ناهيك عن أن المسيحية ترتقى من الثالوث إلى الإله الواحد، الأول «آمين، آمون» بقولها: بسم الآب والابن وروح القدس، إله واحد، آمين.

ثم لا يتوقف الفكر الدينى عن الإزاحة العامة والفصم والوصم والإدانة لأى دين آخر، على اعتبار أن الدين الحق لابد أن يكون واحداً. وإنما تهيمن «الواحدية» على الأوهام داخل الدين الواحد، انطلاقاً من أن المذهب الدينى لابد له أن يكون هو الآخر «واحداً» وليس لغيره إلا الإزاحة والفصم والوصم والإدانة.. فالمذهب السنى هو وحده الحق، ولا عبرة ولا اعتبار ولا اعتراف بغيره من مذاهب الإسلاميين. وهنا تتم الاستعانة بأصول نقلية لا عقلية، مثل الحديث المشهور: تتفرق أمتى على بضع وسبعين فرقة، كلهم فى النار، عدا أهل السنة!

ثم يتمادى الفكر الدينى المعتل، فلا يتوقف عند إزاحة وإدانة الديانات الأخرى، والمذاهب العقائدية الأخرى، وإنما يصل إلى المدارس الفقهية داخل المذهب ذاته. فيستعلى الشافعية مثلاً على الأحناف، ويرى المالكية أنهم المذهب الحق وغيرهم على الباطل.. ولقد حكى لنا التاريخ عن الويلات التى جرت بين أتباع المذاهب، وعراك المالكية مع الحنابلة بل الحروب التى اندلعت فى الشام إبان القرن الثامن الهجرى، بين القرى والبلدات التى تدين بالمذهب الحنفى والأخرى التى تدين بالمذهب الشافعى، ومات من أجل هذا الصراع كثيرون وخربت بسببه النواحى. حتى جاء العثمانيون وفرضوا مذهبهم الحنفى، حتى فى مصر التى كان أهلها دوماً من الشافعية.. ومن المضحكات المبكيات فى هذا الصدد، إصرار فقهائنا عند عقد النكاح «الزواج، كتب الكتاب» على إقرار الزوج بأنه تزوج: على سُـنة الله ورسوله وعلى مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان.. ومعظم المصريين المعاصرين تزوجوا على هذا الشرط، وكثير منهم طلق زوجته واستفتى فرد إليه زوجته بفتوى على المذهب الحنبلى لأنه متوسع فى هذه الفروع «ومتشدد فقط فى أصول الدين» وهو ما يجعل العودة باطلة شرعاً، لأن العقد الأول اشترط ما لا ضرورة له، أصلاً.

ثم يتمادى الفكر الدينى فى هذا الغى وتلك المتاهة الحلزونية، فلا يكتفى بنفى المختلف معه فى الدين، وفى المذهب العقائدى، وفى الاجتهاد الفقهى.. فيقع فى جب الإعلاء الوهمى للذات المفردة، حتى داخل المحيط الفقهى والمذهبى والدينى، فنجد جماعة مثل داعش ت*** جماعة مثل النصرة، مع أن كليهما مسلم سُـنى شافعى أو حنفى أو لا يدرى طبيعة مذهبه الفقهى أصلاً، ومع ذلك ي*** بعضهم البعض الآخر انطلاقاً من أنه «آخر» مختلف، والحق فى أوهامهم واحد لا يجوز الاختلاف فيه أو الاختلاف عنه.

وهكذا تتوالى الحلقات المتداخلة لتلك الدائرة الجهنمية «الواحدية» فتحرق الأخضر واليابس، إذا وجدت الفرصة، وينشر الناس حولهم الخراب وهم يظنون أنهم الأحق، الذين يحسنون صنعاً.. وهذا بلاء ما بعده بلاء.

■ ■ ■

وبعد.. فإن كل ما سبق هو مجرد مقدمة لموضوع مقالتنا اليوم، فى معرض تشخيص وتحديد معوقات النهضة وموانع التقدم. وهو موضوع مهم وبسيط فى آن واحد، ويمكن بعد ما سبق من تمهيدات أن نلخصه بعبارات موجزة نصها الآتى:

التحضر والتقدم والارتقاء بالمجتمعات هو عملية مركبة تشترك لإظهارها عوامل متعددة وعناصر مختلفة.. متعددة ومختلفة.. متعددة ومختلفة! والواحدية بأوهامها التى لا تنتهى وخرابها الذى لا آخر له، هى عائق أساسى يحول دون أى فعل حضارى راق، ويطيح بكل الرؤى الإنسانية السامية/ المتسامية، التى تصنع التقدم والرقى إذا تآزرت وتفاعلت فيما بينها على نحو رشيد.. والأهم: إذا تعددت فياليت قومى يعلمون.

موانع التقدم: وهم الواحدية
















رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:48 AM.