#12
|
|||
|
|||
![]()
يناقش العقاد فكرة من كتاب ( داخل أفريقيا ) من تأليف جون جنتر ، يقول الكاتب أن أفريقيا الإستوائية التابعة لفرنسا لا تطالب شعوبها بالإنفصال عن فرنسا خلافاً لشعوب شمال أفريقيا التي رفضت تماماً الإندماج في المجتمع الفرنسي و الذوبان فيه .
ما الفارق بين الشعوب الإستوائية و الشعوب الأفريقية على شواطىء البحر الأبيض المتوسط ؟ الفارق هو الحضارة الإسلامية العريقة التي منحت تلك الشعوب بعض الحصانة أمام السيطرة الأجنبية بأنواعها السياسية و الفكرية . كل أمة تحضرت بالإسلام احتفظت بكيان قوي لا يسهل هضمه و إدماجه في كيان آخر أجنبي عنه . قوة حفظت الشعوب أثناء الإستعمار و مقاومة قوية يسميها المستعمر جموداً من المسلمين و لكنها محافظة على الكيان القومي أن يقع فريسة و ضحية للإستعمار يتغذى على خيراته و يترك شعوبه محرومة منها . لكن الإستعمار الذي يصيب عقيدة الأمة و أخلاقها و عاداتها أكثر خطراً من الإستعمار السياسي لأن الأول يصيبها في الصميم و لا يبقي لها بعد ذلك شخصية تذود بها خطراً من الأخطار يهددها في حاضرها أو مستقبلها . و الأمم الإسلامية أشد تعرضاً لهذا النوع من الإستعمار لأن الدين الإسلامي نظام اجتماعي و آداب معيشة و له مبادىء فكرية تقوم عليها العلاقات بين الأفراد و له وجهة نظر في أصول الحياة . لهذا كره الإستعمار الأمم الإسلامية كرهاً مضاعفاً لأنه وجد فيها عقبات أمام السيادة الأجنبية و عقبات في وجه العقائد و الآداب التي يفرضها عليها مخالفة للدين ، و حاول أن يلغي مبادئها الفكرية و الخلقية بمبادىء أخرى تناقضها و لا تبقي فيها بقية صالحة لمقاومة أو متشبثة بكيان . ما أشبه اليوم بالبارحة ! |
العلامات المرجعية |
|
|