|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() واستأذنت النبَّي صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف معه فأذن لها، تقول رضي الله عنها: ((كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، يعتكف في كلِّ رمضان، وإذا صلَّ الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه، قال: فاستأذنته عائشة أن تعتكف، فأذن لها، فضربت فيه قُبة، فسمعت بها حفصة، فضربت قُبة، وسمعت زينب بها، فضربت قُبة أخرى، فلما انصرف رسول الله صلَّ الله عليه وسلم من الغداة أبصر أربع قباب، فقال: ما هذا؟ فأُخبر خبرهنَّ، فقال: ما حملهنَّ على هذا؟ آلبرُّ؟ انزعوها فلا أراها . فنزُعت، فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوَّال)). فهذا يعكس مبادرتها إلى الطاعة، وسبقها إلى العبادة، اقتداءً بالنَّبي صلَّ الله عليه وسلَّم. ولحرصها على قيام ليلة القدر، والاجتهاد فيها، تسأل النَّبي صلَّ الله عليه وسلم عن الدعاء الذي تدعو به إذا صادفت هذه الليلة، فتقول رضي الله عنها: ((قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أيَّ ليلةٍ ليلة القَدْر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهمَّ إنَّك عفوٌّ كريم، تحبُّ العفو، فاعف عنيِّ)). وأما الحجُّ فكانت حريصة جدًّا على ألَّ يفوتها، فقد سألت النَّبي صلَّ الله عليه وسلم فقالت: ((يا رسول الله، ألا نَغْزُو ونجاهد معكم؟ فقال: لكُنَّ أحسنُ الجهاد وأَجْمَله الحجُّ؛ حجٌّ مبرور. فقالت رضي الله عنها: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلَّ الله عليه وسلم)). وقد حجَّت بعد وفاة النَّبي صلَّ الله عليه وسلم عدة مرات، وكانت لا تخالط الرجال في طوافها. فقد كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرةمن الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: (انطلقي نستلم يا أُمَّ المؤمنين، قالت: عنك. وَأَبَت). وإذا أرادت الطواف في النهار يُلَ المطاف من الرجال. هذا وكانت قد حدَّدت أماكن إقامتها أيام الحجِّ؛ ففي بداية أمرها كانت تنزل في آخر حدود عرفة بنمرة، اتِّباعًا للنبي صلَّ الله عليه وسلم، فلما رأت زحمة النَّاس هناك، ضربت خيمتها بعيدًا عن ذلك، وانتقلت إلى الأراك،وأحيانًا كانت تقف مجاورة لجبل ثَبِير، وكانت رضي الله عنها تُهِلُّ ما كانت في منزلتها ومن كان معها، فإذا ركبت فتوجَّهت إلى الموقف تركت الإهلال، وكان من عادتها أنَّا كانت تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة، ثمَّ تركت ذلك، فكانت تخرج قبل هلال محرم حتى تأتي الجُحفة، فتقيم بها حتى الهلال، فإذا رأت الهلال أهلَّت بعمرة . وكانت تصوم يوم عرفة، ثمَّ تقف حتى يبيضَّ ما بينها وبين النَّاس من الأرض، ثمَّ تدعو بشراب فتفطر . ولما أصابها الحيض في حجها مع النبي صلى الله عليه وسلم بكت أسفًا على ما فاتها من النُّسك، فسلَّها النَّبي صلَّ الله عليه وسلم بقوله: ((هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) . وأمرها أن تفعل ما يفعل الحاج إلَّ الطواف بالبيت، فلما طهرت وطافت قالت: (يا رسول الله، أتنطلقون بحجة وعمرة، وأنطلق بحجة؟ فأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أن ينطلق معها إلى التنعيم، فاعتمرت عمرة فى ذى الحجة بعد أيام الحج). |
#2
|
||||
|
||||
![]() ثانيًا: كرمها وجودها: كانت عائشة رضي الله عنها جوادةً كريمةً كثيرة الصدقات، لا يكاد يقرُّ بيدها مال حتى تنفقه على الفقراء والمساكين، فقد باعت عائشة رضي الله عنها دارًا لها بمائة ألف دينار، ثمَّ قسَمت الثمن على الفقراء، فعَتَب عليها عبد الله بن الزبير، فعن عروة بن الزبير رضي الله عنه، قال: (كان عبد الله بن الزبير أحبَّ البشر إلى عائشة بعد النَّبي صلَّ الله عليه وسلم وأبي بكرٍ، وكان أَبَرَّ النَّاس بها، وكانت لا تمسك شيئًا مما جاءها من رزق الله إلا تصدَّقت، فقال ابن الزبير: ينبغي أن يُؤخَذ على يديها، فقالت: أيُؤخَذ على يدي؟! عليَّ نذرٌ إن كلَّمته. فاستشفع إليها برجالٍ من قريشٍ، وبأخوال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم خاصةً، فامتنعت، فقال له الزُّهْريون أخوال النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، منهم عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، والمِسور بن مَرمة: إذا استأذنَّا فاقتحم الحجاب. ففعل، فأرسل إليها بعشر رقابٍ فأعتقتهم، ثمَّ لم تزل تُعتقهم حتى بلغت أربعين، فقالت: ودِدت أنِّ جعلت حين حلفت عملً أعمله فأفرغ منه) . ومما يدلُّ على كرمها وسخائها ما روي عن عروة بن الزبير أيضًا: (أنَّ معاوية ابن أبي سفيان بعث إلى عائشة رضي الله عنها بمائة ألفٍ، فقسمتها حتى لم تترك منها شيئًا، فقالت بريرة: أنت صائمةٌ، فهلَّ ابتعت لنا بدرهمٍ لحمً؟ فقالت عائشة: لو أنِّ ذَكرتُ لفعلت) . وعنه رحمه الله أنَّه قال: (رأيتها تَصدَّق بسبعين ألفًا، وإنَّا لتُقع جانب درعها) . وعن أُمِّ ذَرَّة قالت: (بعث ابن الزبير إلى عائشة بمالٍ في غِرارتين يكون مائة ألفٍ، فدَعت بطبقٍ، وهي يومئذٍ صائمةٌ، فجعلت تقسم في الناس، قال: فلما أمست قالت: يا جارية، هاتي فِطري، فقالت أُمُّ ذَرَّة: يا أُمُّ المؤمنين أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهمٍ لحمً تفطرين عليه؟ فقالت: لا تعنِّفيني، لو كنت أذكرتني لفعلت). وقد باعت مسكنها لمعاوية بمائة وثمانين ألف درهم، وحمل إليها المال، فما رامت من مجلسها حتى قسمته. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (لبستُ مرة دِرعًا لي جديدًا، فجعلت أنظر إليه، وأُعجبت به، فقال أبو بكر: ما تنظرين؟ إنَّ الله ليس بناظر إليك، قلت: ومم ذاك؟ قال: أما علمت أنَّ العبد إذا دخله العُجب بزينة الدنيا مقته ربُّه -عزَّ وجلَّ- حتى يفارق تلك الزينة. قالت: فنزعتُه فتصدقتُ به. فقال أبو بكر: عسى ذلك أن يكفِّر عنك) . وعن عطاء ، أنَّ معاوية بعث إلى عائشة رضي الله عنها بقلادة بمائة ألف، فقسمَتْها بين أُمَّهات المؤمنين. يقول عبد الله بن الزبير: (ما رأيت امرأتين أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف؛ أمَّا عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها قسمت، وأمَّا أسماء فكانت لا تمسك شيئًا للغد) . وكانت تُعين الفقير على حسب حاجته وقدره، فذات مرة جاءها سائل فأعطته كسرة من الخبز، فأخذها الفقير ومضى، ثمَّ مرَّ بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته، فأكل، فقيل لها في ذلك: فقالت: قال رسول الله: ((أنزلوا النَّاس منازلهم)). ولم تكن رضي الله عنها تستقلُّ ما تنفقه، فقد تعلمت في مدرسة النَّبي صلَّ الله عليه وسلم: ((اتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرة)). وقد نصحها النَّبي صلَّى الله عليه وسلم بذلك قائلً: ((يا عائشة، استتري من النار ولو بشقِّ تمرة؛ فإنَّا تسدُّ من الجائع مسدَّها من الشبعان)) . ويروي مسلم في (صحيحه) أنَّا قالت: ((جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كلَّ واحدة منهما تمرة، ورفعتْ إلى فيها تمرة؛ لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقَّت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الَّذي صنعت لرسول الله صلَّ الله عليه وسلم، فقال: إنَّ الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار)). وذات مرة كان استطعمها مسكين، وبين يديها عنب، فقالت لإنسان: (خُذْ حبَّة فأعطها إياه. فجعل ينظر إليها ويعجب، فقالت: أتعجب؟ كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة؟) كأنَّا تشير إلى قوله تعالى:(فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُ). ومن صور كرمها: كثرة العتق، فقد أعتقت في كفارة نذرها أربعين رقبة . وبلغ عدد المعتقين على يدها سبعًا وستين رقبة ، وكذلك بريرة جاءتها تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، فاشترتها وأعتقتها ، وقد ربَّاها النَّبي صلَّ الله عليه وسلم على مبدأ العتق، فقد كانت عندها جارية من قبيلة تميم، فقال لها النَّبي صلَّ الله عليه وسلم: ((أَعْتِقِيها فإنها مِنْ ولد إسماعيل)). |
#3
|
||||
|
||||
![]() زهدها وورعها: كانت أُمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها مع صيامها وقيامها وكرمها وجودها، تكره أن يُثنَى عليها، وأن تُدح وهي تسمع، مخافة الرياء، وتقول: (يا ليتني كنت نسيًا منسيًّا) ذهَبَ الَّذين يُعاشُ في أكْنافِهم وبقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأجْربِوتقول: (رحم الله لَبيدًا، فكيف لو رأى زماننا. وقال عروة بن الزبير: رحم الله أُمَّ المؤمنين، فكيف لو رأت زماننا). وقد عاشت أُمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بيت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم معيشة الكفاف، تقول رضي الله عنها: (ما شبع آل محمدٍ صلَّ الله عليه وسلم منذ قدم المدينة، من طعام بُرٍّ ثلاث ليالٍ تباعًا، حتى قُبِض). وقالت أيضًا: (ما شبعت بعد النَّبي صلَّ الله عليه وسلم من طعامٍ إلا ولو شئت أن أبكي لبكيت، وما شبع آل محمدٍ صلَّ الله عليه وسلم حتى قُبِض). وكانت تأتيها الأُعطيات فلا تلتفت لشيء من هذا، وإنَّما تنفقه في سبيل الله، ولا تتكئ على دنيا تطمئنُّ إليها، وإنَّما كانت نافضة يدها من هذا كلِّه، على سَنن أبي القاسم رسول الله صلَّ الله عليه وسلم. وقد كان هذا خلقها منذ البدء، فيوم نزلت آية التخيير:(يَٰٓأيُّهَا ٱلنَّبِّىُ قُل لِّازۡوَجِٰكَ إنِ كُنتُّنَ ترُدِنَ ٱلۡحيَوَٰة ٱلدُّنيۡاَ وَزيِنتَهَا فَتعَاليَنۡ أُمَتعِّكُنَّ وأُسَّرحِكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗ (٢٨) وَإِن كُنتُّنَ تُرِدۡنَ ٱلَّلَه وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱلَّلَه أَعَدَّ للِه ۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا) [الأحزاب: 28-29]، بدأ بها النَّبي صلَّى الله عليه وسلم فخيَّرها بين متاع الدنيا، وبين الله ورسوله والدار الآخرة، ومهَّد أمامها العذر لتخرج ما في نفسها،إن كان بها ميل إلى الدنيا، وحاشاها، فقال((ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك. فردَّت قائلةً: أفي هذا أستأمر أبويَّ؟! فإنِّ أريد الله ورسوله والدار الآخرة. فاستنَّ بها بقية أزواجه صلَّ الله عليه وسلم، وقلنَ كما قالت)) فكان في جوابها تمام الصِّدِّيقيَّة، وكمال السموِّ؛ حيث قدَّمت بين يدي إجابتها باستفهام يستنكر أن يطرق هذا الخاطر باب قلبها قط، فكان في إنكارها وحده كفايةٌ وجواب، وكان في تقريرها بعد السؤال ما فيه من زهادة القلب، ورشاد العقل، وجميل الخطاب! وقد اتصفت رضي الله عنها بصفة الورع في جميع مراحل حياتها؛ ها هي في حياة النَّبي صلَّ الله عليه وسلم تَنع عمَّها من الرضاعة من الدخول عليها، حتى يأتي النَّبي صلَّ الله عليه وسلم فيقول لها: ((فلْيلِج عليك عمُّك)). ومع ذلك تستفسر قائلة: إنَّما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل. فيعود صلَّ الله عليه وسلم ليؤكِّد لها: ((إنَّه عمُّك، فلْيلِج عليكِ)). ولما طلب منها النَّبي صلَّى الله عليه وسلم أن تمدَّ يدها من حجرتها إلى المسجد؛ لتناوله الخُمرة، قالت: ((إنِّ حائض. فقال صلَّ الله عليه وسلم: إنَّ حيضتك ليست في يدكِ)). ومن صور ورعها أنَّا منعت إدخال جارية صغيرة عليها قائلة: ((لا تُدخلنَّها عليَّ إلا أن تقطعوا جَلاجلها -أجراسها- سمعت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جرس))... ومن ورعها احتجابها من رجل أعمى دخل عليها، ولما قال لها:(تحتجبين مني، ولست أراك؟ قالت: إن لم تكن تراني فإني أراك) . ومن ورعها في شأن الفتيا ما جاء عن شريح بن هانئ قال: ((سألت عائشة عن المسح على الخفين، فقالت: ائت عليًّا؛ فإنه أعلم بذلك مني. فأتيت عليًّا فذكرعن النَّبي صلَّ الله عليه وسلم بمثله)). |
العلامات المرجعية |
|
|