|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#18
|
||||
|
||||
![]() وقال ابن القيم: (قول النَّبي صلَّ الله عليه وسلم: لما قالت عائشة: وارأساه! فقال: ((بل أنا وارأساه)) . أي: الوجع القوي بي أنا دونك، فتأسَّىْ بي فلا تشتكي، ويلوح لي فيه معنًى آخر، وهو أنَّا كانت حبيبة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، بل كانت أحبَّ النساء إليه على الإطلاق، فلمَّ اشتكت إليه رأسها، أخبرها أنَّ بمُحبِّها من الألم مثل الَّذي بها، وهذا غاية الموافقة من المحبِّ ومحبوبه؛ يتألَّ بتألمه، ويُسرُّ بسروره، حتى إذا آلمه عضو من أعضائه آلم المحبَّ ذلك العضو بعينه، وهذا من صدق المحبة وصفاء المودة. فالمعنى الأول: يُفهم أنك لا تشتكي واصبري، فبي من الوجع مثل ما بك، فتأسَّىْ بي في الصبر وعدم الشكوى. والمعنى الثاني: يُفهم إعلامها بصدق محبته لها، أي: انظري قوة محبتي لك، كيف واسيتُك في ألمك ووجع رأسك، فلِمَ تكوني متوجعة، وأنا سليم من الوجع، بل يُؤلمني ما يُؤلمك، كما يسرُّني ما يسرُّكِ، كما قيل: وإنَّ أوْلَى البرايَا أنْ تُواسِيَه *** عندَ السُّورِ الَّذي واسَاكَ في الحزنِ)) وكان صلَّ الله عليه وسلم ربَّما جلس يستمع إلى حديثها لا يملُّ منه، كما في حديث أُمِّ زرع الطويل، الَّذي حكت فيه عائشة أحوال إحدى عشرة امرأة مع أزواجهنَّ. ثم قال لها في آخره: ((كنِتُ لك كأبي زرع لأُمِّ زرع)). قال النووي: (قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((كنت لك كأبي زرع لأم زرع)). قال العلماء: هو تطييب لنفسها، وإيضاح لحسن عشرته إياها، ومعناه أنا لك كأبي زرع )).
وكان صلَّ الله عليه وسلم يتبادل معها أطراف الحديث بعد الفراغ من تهجُّده صلَّ الله عليه وسلم، قالت رضي الله عنها: ((كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر، فإن كنتُ مستيقظة تحدَّث معي، وإلا اضطجع حتى يؤذَّن بالصلاة))وفي رواية: ((اضطجع على شِقِّه الأيمن)). وكذلك في أسفاره كان يتجاذب معها الحديث خاصة إذا جنَّ الليل، فعن عائشة رضي الله عنها: ((أنَّ النَّبي صلَّ الله عليه وسلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النَّبي صلَّ الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدَّث. وكان يُدنيها منه صلَّ الله عليه وسلم، ويبسط عليها من حنانه ورحمته، ويُترجم قوله إلى فعل شريف، تأنس به أُمُّنا رضي الله عنها، فيتتبع مواضع طعامها وشرابها ليشرب منه، فتقول رضي الله عنها: ((كنت أشرب وأنا حائض، ثم أُناوله النبي ص لىالله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فيَّ فيشرب، وأتعرَّق العَرْق، وأنا حائض، ثم أُناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فيَّ)). ويلطف لها الخطاب، فيقول صلَّ الله عليه وسلم: ((إنِّ لأعلم إذا كنت عني راضيةً، وإذا كنت عليَّ غضبى. فتقول رضي الله عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنتِ عنِّي راضيةً، فإنَّك تقولين: لا، وربِّ محمدٍ، وإذا كنت عليَّ غضبى، قلت: لا، وربِّ إبراهيم، قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك)).. فبادلته حبًّا بحبٍّ ولطفًا بلطف، صلَّ الله عليه وسلم. ويوم أن همَّ بها والدها الصِّدِّيق رضي الله عنه حين سماع ارتفاع صوتها، وهي تتحدَّث مع رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في بيتهما، فتناولها ليلطمها، وقال: ((ألا أراكِ ترفعين صوتك على رسول الله صلَّ الله عليه وسلم - وفي رواية: يا بنت فلانة، ترفعين صوتك على رسول الله صلَّ الله عليه وسلم - فجعل النَّبي صلَّ الله عليه وسلم يحجزه، وخرج أبو بكر مغضبًا، فقال النَّبي صلَّ الله عليه وسلم حين خرج أبو بكر: كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟ قال: فمكث أبو بكر أيامًا ثمَّ استأذن على رسول الله صلَّ الله عليه وسلم فوجدهما قد اصطلحا، -وفي رواية: فسمع تضاحكهما-، فقال: لهما أدخلاني في سِلمكما، كما أدخلتماني في حربكما. فقال النَّبي صلَّ الله عليه وسلم: قد فعلنا قد فعلنا)). فقد قطع عنها النَّبي صلَّ الله عليه وسلم ما يؤذيها، ولو من والدها حميةً لها،وجعل يترضَّاها ويُلاطفها تطييبًا لخاطرها، وإسعادًا لنفسها، وفي هذا ما فيه من حبِّه لها رضي الله عنها. ولم يكن يرضى بأن ينالها أمرٌ ولو من أبيها رضي الله عنه، فعن عائشة: ((أنَّ النَّبي صلَّ الله عليه وسلم استعذر أبا بكر عن عائشة، ولم يظنَّ النَّبي صلَّ الله عليه وسلم أن ينالها بالذي نالها، فرفع أبو بكر يده فلطمها، وصكَّ في صدرها، فوجد من ذلك النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، وقال: يا أبا بكر، ما أنا بمستعذرك منها بعدها أبدًا)). ومن دلائل هذه المحبة أيضًا ما جرى في قصة التخيير، تقول عائشة: ((لمَّ أُمر رسول الله صلَّ الله عليه وسلم بتخيير أزواجه، بدأ بي، فقال: إنِّ ذاكرٌ لك أمرًا، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك. قالت: قد علم أنَّ أبويَّ لم يكونا ليأمراني بفراقه...)). قال القرطبي: (العلماء: وأمَّا أمر النبَّي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تشاور أبويها؛ لأنَّه كان يحبُّها، وكان يخاف أن يحملها فرط الشباب على أن تختار فراقه، ويعلم من أبويها أنَّما لا يُشيران عليها بفراقه). آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 08-11-2013 الساعة 12:57 AM |
العلامات المرجعية |
|
|